+ A
A -
هناك أشياء لا ندرك قيمتها الحقيقية إلا عندما تحتاج إليها فلا تجدها، فالهواء والماء يبدو كل منهما وكأنه لا يستحق الاهتمام لسهولة الحصول عليه، ولكن بدون الهواء وبدون الماء لا يمكن أن تكون هناك حياة.. وقد أشرنا إلى معجزة الله في الهواء ويبقى أن نتأمل ما في الماء من عجائب صنع الله.
فالماء في ذاته لا حياة فيه ولكنه هو المكون الأساسي في تركيب الخلية الحية، والخلية الحية هي وحدة البناء في كل كائن حي سواء كان نباتا أو حيوانا.
ولهذا نجد أن الماء ذكر في القرآن 63مرة منها28 آية تصف دورة الماء حول الأرض وإنزاله من السماء، وتشير إلى دورة الرياح والسحاب، وفي آيات أخرى يذكر الله كيفية خزن ماء المطر تحت سطح الأرض، وفي الآية الكريمة يقول الله تعالى» وجعلنا من الماء كل شيء حى أفلا يؤمنون»( الأنبياء – الآية30) وفي آية أخرى يقول الله تعالى» هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون» (النحل-الآية10و11) ويقول سبحانه «وينزل من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان»( الأنفال -الآية 11).
ويذكر العلماء أن الماء تتوقف عليه العمليات الحيوية في الجسم مثل امتصاص الطعام والنمو، والتكاثر، والتخلص من السموم، والإخراج، وأن الماء هو الذي يساعد على نقل الأكسوجين إلى جميع أجزاء الجسم، كما يساعد على تنظيم درجة الحرارة في الجسم.
وحكمة الخالق جعلت الماء يغطى71% من مساحة الكرة الأرضية في البحار والمحيطات والأنهار بخلاف الجليد وهو ماء متجمد في القطب الشمالي والقطب الجنوبي، وبدون التوزيع المعجز للماء على أنحاء الكرة الأرضية كان من المستحيل أن تنتشر الحياة على سطح الأرض كما هي الآن. ودورة الماء نفسها مذهلة، فالمحيطات والبحار هي مخازن للمياه، والماء فيها شديد الملوحة لحفظها من العفن، وحرارة الشمس تسبب تحويل الماء إلى بخار يصعد في الجو ويتجمع ليكون السحاب، وتدفع الريح السحاب إلى حيث يشاء الله ليسقط المطر.
وكما تدور المياه ما بين الهواء والأرض تدور أيضا في أجسام الأحياء، فالجسم فيه أنابيب تحمل المياه المحملة بالسموم والأملاح الزائدة وبقايا الأدوية إلى الكلى وتتولى الكلى تنقية هذه المياه وتخرج من الجسم في البول والعرق، وفي النبات تمتص الجذور من التربة الأملاح والغذاء ذائبة في الماء، ودورة الماء كما تتبعها العلماء تدل على أنها من عجائب صنع الله، ولكن أكثر الناس لا يشعرون ولا يدركون، ولهذا أشار الله إلى أن إدراك هذه النعمة الكبرى «لقوم يتفكرون» ووجه للغافلين قوله تعالى» أفلا يؤمنون» لأن من يعرف حقيقة المعجزة في الماء لابد أن يخر ساجدا لله شاكرا له هذه النعمة – وما أكثر نعم الله على الإنسان- ولابد أن يؤمن يقينا بأن كل ما جاء في القرآن هو كلام الله لهداية البشر، والعلم يكتشف كل حين ما يزيد هذا الإيمان قوة ويقينا.

بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
29/04/2017
18799