+ A
A -
أين كان العرب، يومذاك؟
مازلتُ أتذكرها. وضعت ساقا فوق ساق، قبل أن تقول: إدارة بوش سلمت العراق لإيران، لقمة سائغة!
مادلين أولبرايت، أول امرأة أنثت الخارجية الأميركية، كانت امرأة شوّافة، فيما كان جندي من المارينز، يلف الحبل حول رقبة التمثال صدام، في ساحة الفردوس، لتجرفه فيما بعد، الدبابة الأميركية!
يومذاك، راح جورج بوش الابن، يصفق، ونشوة الانتصار بالغزو، تلمع في عينيه.
يومذاك، راح الملالي في قم يصفقون، وقد استحال «بطل قادسية صدام» إلى مجرد تمثال مشنوقا، تطيح به دبابة، وينهال عليه بالضرب النعال.
يومذاك، ملص احد العراقيين الشيعة نعاله، وراح يضرب التمثال، ضربا.
ربما كانت رؤية مادلين اولبرايت، لمن كان يضرب في التمثال بالنعال، هي وراء جملتها، فيما كانت عينا بوش تلمع بالنشوة.
ربما كان تصفيق الملالي..
ربما..
ما تشوّفته اولبرايت، لم يشوفه أحد من العرب، وما كان لأحد منهم أن يتشوّفه، وزرقاء اليمامة- تلك التي كانت قد رأت شجرا يسير- قد ماتت وشبعت موتا، والعرب.. العرب لما يمسكوا بناصية تقنية الاستنساخ، ولن يمسكوها، طالما هم هكذا، في شغل بالتاريخ.. والتاريخ يشغلهم، يعيدهم لتدوير كل ثأرات داحس والغبراء!
إيران، التهمت العراق..
إيران تأكل الآن، سوريا أكلا..
إيران، توسعت بعد لبنان في اليمن..
إيران عينها على جغرافيا أخرى، من جغرافية العرب.
إيران.... إيران..
ولكن أين العرب؟
السؤال طرحه طفل أميركي، فيما كان هو إلى جوار أبيه، يقفان معا فوق تراب البرجين في منهاتن. قال الأب: ها هنا كان برجان يا ولدي. أطول ناطحتين في العالم.. دمرهما العرب!
تحرك فم الطفل يسأل- وهو كما لو كان يتلفت بعينيه في كل فجاج الدنيا يبحث عن العرب- ولكن، أين هم العرب الآن يا أبي؟
تلك نكتة موجعة. أضحكتهم- الأميركان- وهم في ذروة البكاء، وأبكتنا نحن العرب-أو البعض منا- ونحن في خضم الفرحة، بغزوة نيويورك، والأحد عشر كوكبا، بتعبير بن لادن!
أستعير سؤال الطفل الأميركي، مع قليل من التصرف: أين نحن.. أين؟
وكيف يمكن أن نكون موجودين، في زمن الثأرات، والاكل، والالتهام؟
كيف لنا يا عرب ان نظل هكذا ضعفاء، في عالم لا يعبأ إلا بالأقوياء؟
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
27/04/2017
1190