+ A
A -
جاء اختيار سكان لندن لصادق خان المسلم الباكستاني الأصل ليكون عمدة لندن ليسبب صدمة كبيرة في المجتمعات الغربية وليس في بريطانيا فحسب لاسيما وأن اختياره جاء بعد حملات تحريض وتخويف وتشويه واسعة ضده وصلت لحد اتهامه بدعم الإرهاب شارك فيها رئيس الحكومة البريطانية اليميني المتطرف ديفيد كاميرون الذي يجهر بعداوته للإسلام من آن لآخر، أما الحملة التي قام بها مرشح حزب المحافظين جولد سميث ابن الملياردير والنائب المحافظ لضاحية ريتشموند الأرستقراطية فقد اتصفت بالخسة والنذالة كما وصفها بعض المراقبين وخلت من النزاهة وشرف الخصومة، وسعى جولد سميث من خلال حملة عنصرية مقيتة إلى حشد سكان لندن ضد المسلم الباكستاني الفقير ابن سائق الحافلة الذي جاء لينافس ابن الملياردير سليل عائلة جولد سميث العريقة لكن خطابه العنصري المقيت انقلب عليه وفاز عليه صادق خان بالضربة القاضية وبنسبة غير مسبوقة في نتائج الانتخابات وعدد الأصوات التي لم يسبق أن حصل عليها مرشح لمنصب عمدة لندن، حيث أعلن سكان لندن الذين يبلغ عددهم 8.6 مليون بينهم مليون مسلم أنهم لن يسمحوا للعنصرية أن تحكمهم على الأقل للسنوات الأربع القادمة، وأن الخطاب الكريه ضد المسلمين من العنصريين البريطانيين البيض يمكن أن يمزق المجتمع البريطاني الذي أصبح قائما على التنوع لاسيما وأن المهاجرين أصبحوا يديرون لب الحياة اليومية في بريطانيا شاء العنصريون المعادون للمسلمين أم أبوا.

ما يميز فوز صادق خان أنه ليس من المسلمين الكثر الذين لا يحملون من الإسلام إلا أسماءهم وانسلخوا تماما من جذورهم ودينهم، ولكن الرجل تفاخر تحت قبة البرلمان البريطاني بأنه مسلم يمارس دينه، ويفخر دائما بأسرته المسلمة وزوجته تظهر إلى جواره في الصور بحجابها، ودائما يتحدث عن جذور عائلته كمسلم باكستاني هاجر والده إلى بريطانيا عام 1970 ونشأ في بيئة فقيرة وبيت صغير، لم يتنصل الرجل من أصله أو عائلته ويفخر دائما بدينه، وبالتالي فإن هناك رمزية في هذا الفوز ورسائل قوية للغرب باختيار الرجل، الذي كان دوره السياسي خلال الفترة الماضية أيضا شاهدا على حسن أدائه وعلى دفع البريطانيين لاختياره ليكون عمدة لعاصمة بريطانيا الدولة التي خرجت منها عدة جيوش صليبية لحرب المسلمين خلال القرون الماضية، لا ينتظر من صادق خان سوى أن يكون كما قال في خطابه الذي ألقاه بعد إعلان فوزه «رئيس بلدية لكل اللندنيين» وأن يدرك العالم من خلال إدارته للعاصمة لندن خلال السنوات الأربع القادمة أن المسلمين ليسوا إرهابيين كما يصفهم الساسة والإعلاميون اليمينيون المتطرفون الصهاينة وأن خطاب الكراهية يرتد عادة على صانعيه وأن المسلم دوره أن يقدم الخير للإنسان في أي مكان حتى لو كان العاصمة البريطانية لندن.

بقلم : أحمد منصور

copy short url   نسخ
10/05/2016
713