+ A
A -
جريدة الوطن

إسطنبول- الأناضول- عبر ثلاثة أسئلة تحليلية، يتطرق جان قصاب أوغلو في هذا المقال إلى أهمية الطائرات الحربية من دون طيار لاقتصاد التصنيع العسكري التركي وموقعها المتقدم في دبلوماسية الدفاع، وبيئة النجاح التي وفرت لهذا القطاع التميز على مستوى العالم.

ما مزايا الطائرات التركية المسلحة من دون طيار؟

بادئ ذي بدء، يجب علينا الإشارة إلى أن «الطائرات التركية المسلحة من دون طيّار» تشمل طيفا واسعا جدا من المركبات الجوية.

فنحن عندما نتحدث عن هذا النوع من المركبات الجوية غير المأهولة فإننا نتحدث عن أنظمة مختلفة بداية من الطائرات دون طيار المصغرة المصنعة من قبل الشركة التركية للصناعات الدفاعية (STM) وليس انتهاء بالطائرة المقاتلة «قزل ألمه» المصنعة من قبل شركة «بايكار» التركية للصناعات الدفاعية.

علاوة على ذلك، فإن جميع الأمثلة التي نقدمها هنا تندرج ضمن فئة المركبات الجوية المسلحة دون طيار.

إضافة إلى أن تحديد إطار واسع مثل قدرة الحرب الروبوتية لتركيا، يدفعنا للحديث عن مجموعة كبيرة من الحلول والمشاريع التي تراوح من مركبات الحرب البرية غير المأهولة إلى المركبات البحرية المسلحة وغير المأهولة. في هذه الفترة، نلاحظ أن تركيا حققت قفزات مهمة في مجال المركبات الجوية المسلحة وغير المأهولة، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها حرص قيادة الأركان التركية على نقل القدرات العملياتية للمركبات الجوية المسلحة وغير المأهولة وجعلها في متناول القوات المسلحة التركية والخطط التشغيلية المختلفة لهذه القوات. ويأتي هذا التطور خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر/‏ أيلول الإرهابية، حيث بدأت الطائرات دون طيار تأخذ موقعًا مهمًا على جدول الأعمال من خلال العمليات والأنشطة الناجحة التي حققتها في عمليات الحرب ضد الإرهاب. خدمت الطائرات دون طيار في العديد من جوانب الحرب التقليدية، من تنفيذ المهام العملياتية إلى أداء مهام متعلقة بعمليات الدفاع الجوي والتنسيق مع عناصر الدعم الناري الأرضي. هذا النجاح دفع القوات المسلحة لتوفير دعم أكبر لقطاع صناعة المركبات الجوية المسلحة وغير المأهولة واستقطاب المواهب والمشاريع ذات الصلة، وإدراج هذا النوع من المركبات الجوية المصنعة محليا ضمن ممتلكات القوات المسلحة التركية.

ومن أسباب نجاح الصناعات الدفاعية التركية أنها تعمل في إطار تصنيع جديد لأنظمة دفاعية متطورة، معتمدة على مفاهيم مبتكرة للغاية. وعند كتابة هذه السطور، تمكنت الصناعات الدفاعية التركية من تنفيذ العديد من المشاريع وإدراجها في ممتلكات القوات المسلحة.

وفي مقدمة هذه المشاريع: المركبة الجوية المسلحة غير المأهولة «قزل ألمه» (Kızılelma)، والصواريخ الجوية «روكيتسان تي آر إل جي» (Roketsan TRLG-230) و«بايكار آقينجي» (Baykar Akıncı).

وهناك أيضا أنظمة (سونوبوي/‏ Sonoboy) محلية الصنع، والمسيّرتان التركيتان «العنقاء» و«آقسنقر» اللتان تستخدمان تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الدفاعية العسكرية.

ما مساهمات هذه الطائرات في الاقتصاد التركي ودبلوماسية الدفاع؟

تحولت الطائرات المسلحة دون طيّار إلى عنصر رئيسي في دبلوماسية الدفاع التركية، كما شكل هذا التحول تطورا في غاية الأهمية بالنسبة لتركيا وحلفائها.

بداية، أخذت الطائرات المسلحة من دون طيار موقعا مهما ومكانة محورية في الصادرات الدفاعية التركية بقيمة بلغت حوالي 4 مليارات دولار.

إضافة إلى أن التطورات الأخيرة التي حققتها المسيرات التركية وفي مقدمتها «تي بي 2» (TB-2)، و«عنقاء» (ANKA)، و«قزل ألمه» (Kızılelma)، و«آقينجي» (Akıncı)، و«آقسنقر» (Aksungur)، ستزيد بشكل طبيعي من الصادرات التركية في مجال الصناعات الدفاعية.

وفي المرحلة الجديدة من سياسة تركيا الخارجية، نلاحظ أنها تعمل بشكلٍ دؤوب على تعزيز الأرضية الدبلوماسية مع دول الخليج العربية، حيث تبرز الصين كأكبر منافس لأنقرة في هذا السوق الذي يشهد منافسة كبيرة بينهما من أجل إنتاج المزيد من الحلول العسكرية عالية التقنية.

والأهم من ذلك، أن التعاون الدفاعي الذي تم تطويره بناء على قدرات تركيا في مجال إنتاج الطائرات المسلحة دون طيار، بات محط إنتاج تأثيرات جيوسياسية مهمة في الجمهوريات السوفييتية السابقة.

ونلاحظ ذلك من خلال الإنتاج المشترك بين أنقرة وكييف للطائرات المسلحة من دون طيار، واهتمام الدول التركية الأخرى بالحلول التي تقدمها الطائرات التركية المسيرة.

إضافة إلى ما سبق، فإن بولندا باعتبارها الدولة الأسرع تسليحا في الجانب الشرقي من حلف الناتو، طلبت تزويدها بالمزيد من المركبات الجوية غير المأهولة تركية الصنع من طراز (TB-2)، في ظل استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

لماذا تحولت «بيرقدار تي بي 2» إلى موضوع ساخن عالميا؟

تعد المسيرة التركية «بيرقدار تي بي 2» (Bayraktar TB-2) المصنعة من قبل شركة «بايكار» (Baykar) التركية للصناعات الدفاعية، القيمة الأكثر شهرة لتركيا في العالم.

تمكنت المسيرة المذكورة من وضع بصمتها في العديد من العمليات الدفاعية، وفي مقدمتها بأوكرانيا واستعادة الأراضي المحتلة في أذربيجان.

وفي هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى أن «بيرقدار تي بي 2» تحوي العديد من الميزات المهمة، والتي تجعلها تبرز في سوق الأسلحة الدولي.

لا شك أن أول تلك الميزات هو أن هذا النوع من المركبات الجوية المسلحة أثبت فعاليته في ساحة المعركة وأكد قدراته القتالية.

علاوة على ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن المسيّرة «بيرقدار» وخلال مشاركتها في العمليات الحربية حققت نتائج مباشرة ضد مجموعة واسعة من العناصر المسلحة البرية، وفي مقدمتها الوحدات المدرعة وعناصر المدفعية وقاذفات الصواريخ الباليستية التكتيكية وأنظمة الدفاع الجوي.

أما الميزة الثانية والحاسمة للمسيرة «بيرقدار» فهي التكلفة المنخفضة خاصة لدول مثل بولندا المعروفة بإنفاقها الهائل على المشتريات الدفاعية داخل حلف الناتو.

وأخيرا، لابد من تأكيد أننا عندما نتحدث عن المسيّرة التركية بيرقدار، فإننا نتحدث عن قيمة ذات علامة تجارية أثبتت جدارتها في سوق السلاح الدولي «من خلال مجموعة واسعة من الأعمال القتالية على جبهات عديدة».

copy short url   نسخ
26/03/2023
15