+ A
A -
رحل السفير احمد التني، هادئا، ووديعا، فمه يرتعش بحسن الختام، ورفيف ابتسامة تحمل نوعا من الرضا والامتنان.
تعرفه الدوحة. كان سفيرا للسودان هاهنا.. ويعرفه رجالات الخارجية، والسلك الدبلوماسي.. والسفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية الذين عملوا في هذه الأرض الطيبة، في التسعينيات.
كان سفيرا خلوقا، طيبا، كثير افترار الفم بالابتسام. وكان مهنيا من طراز فريد، تجمل بكل أدب وأدبيات الدبلوماسية، وأعرافها وأخلاقياتها، وبكل احترامها للدولة التي يمثلها الدبلوماسي، والدولة التي تكرمت بتسلم أوراق دولته وتسليمه أوراق الاعتماد، سفيرا، مهمته الأولى تحسين العلاقات، وبناء شراكة سياسية.. وشراكة مصالح بين الدولتين.
بالتأسي، يمكن للدبلوماسي أن يكون دبلوماسيا، حقا. الراحل خريج مدرسة الدبلوماسية السودانية العريقة. نهل فن الدبلوماسية من دبلوماسيين أفذاذ، تعلم وتأسى، وبهاتين معا، شق طريقه ممثلا لبلاده، في الكثير من المحطات الدبلوماسية المهمة، شرقا وغربا، وفي افريقيا، مكتسبا بذلك المزيد من التجارب، والمعارف، وفن التعامل في البلاد الغريبة.
كان التني صاحب مواقف، واشهر مواقفه، كانت في اوائل التسعينيات، حين تغول نظام الإنقاذ- وهو في قمة غلوائه- على العمل الدبلوماسي، وصنف الدبلوماسيين إلى «من ليس معنا فهو ضدنا»، وهذا خلط عجيب بين النظام، والوطن!
الراحل لم يرتض ذلك، فتم نقله سريعا إلى الخرطوم، ليحال سريعا إلى الصالح العام!
التني، لمن لا يعرفه، أقول: يكفي أنه امتدحه الرجل العارف بأقدار الناس، الرجل العارف بالله الأديب السوداني الطيب صالح، في مقالة نشرت في مجلة المجلة، ويتداولها السودانيون في ما بينهم إلى يوم الناس هذا.
كتب الطيب صالح: «وجدت سفيرا غير هياب ولا وجل.. سودانيا كأحسن ما يكون السوداني».
كان الطيب صالح يتحدث عن الراحل فيما كان سفيرا في الدوحة. وكتب: «كان من القلة التي بقيت من الدبلوماسيين بعد حملات التطهير والتشريد والاحالة على المعاش.. وكان الناس يعجبون كيف انهم (أهل النظام) لم ينتبهوا إليه، فظل في منصبه يعامل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم السياسية دون تفرقة.. دائما تجده بينهم في مسراتهم وأحزانهم لا يبالي ان كان الشخص مرضيا عليه من النظام.. ولم يكن يهاب ان يجدد الجوازات لمستحقيها دون ان يطلب الإذن من سلطات الخرطوم لأن يعلم أنه لو سألهم لأجابوا بلا.!».
كان الرحل «من خيار الناس.. وخيار السفراء» كما يقول الطيب صالح.. وحين يقول الطيب صالح قولا، يكمل الكلام.
رحم الله أحمد التني بقدر ما قدم لوطنه.. وقدم للسودانيين.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
25/04/2017
1492