+ A
A -
تكلمنا كثيراً عن تدمير الإنسان في العالم العربي وفق خطة ممنهجة بدأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية من خلال استخلاف الدول الاستعمارية لأنظمة عسكرية قمعية في الدول العربية المحورية دمرت التعليم والصحة والزراعة والصناعة وكل ما ينهض بالإنسان، لكن رغم الدمار الهائل الذي حل بالإنسان العربي فوجئ الغرب وتلك الأنظمة المستبدة باليقظة التي حدثت من خلال ثورات الربيع العربي الذي أزال بعض الزعماء المستبدين وهز عروش الآخرين، ورغم نجاح الثورات المضادة في معظم الدول التي قامت فيها الثورات إلى حد ما حتى الآن إلا أن خطة شيطانية أخرى تنفذ على قدم وساق في دول الحضارة والتاريخ اليمن والعراق وسوريا، هي تدمير حضارة هذه الدول وتحويل مدنها ومن ثم تاريخها وحضارتها وما بناه الإنسان فيها على مدى آلاف السنين بها إلى أطلال، الصور التي تأتي من المدن التي مر على بنائها آلاف السنين لا تصدق، فالرمادي والفلوجة وحلب وحمص وعدن والضالع وعشرات بل مئات المدن وآلاف القرى في هذه البلاد أصبحت غير صالحة للحياة الآدمية، وستصبح ربما بعد ذلك أطلالا يزورها الناس ليشهدوا على المؤامرة التاريخية التي تشارك فيها أميركا والدول الأوروبية وروسيا وإيران، تلك المؤامرة التي فشلت في تدمير الإنسان فقررت تدمير المدن والقرى التي يعيش فيها هذا الإنسان وتهجيره وتحطيم حاضرة وتشويش مستقبله، لم تعد هناك حرمة للإنسان من ثم لم تعد هناك حرمة لشيء وأصبح كل مستباحا لأسلحة الروس وجيوش الفرس والروس والأميركان، الكل يدمر ويخرب ليمحو الحياة والإنسان، وهذا لم يحدث في هذه المنطقة من قبل منذ أن خلقها الله أن يتم تدمير هذه المساحات الشاسعة من حياة الناس في هذه المناطق بهذه الطريقة، فحتى المدن الأوروبية التي تعرضت للدمار والخراب في الحرب العالمية الثانية لم يكن الخراب والدمار بها بهذه الطريقة التي رأينا عليها حلب وحمص والرمادي والفلوجة وغيرها، وحينما يخطب بوتين في قادته ويقول إن الأسلحة الروسية نجحت في سوريا وجيشه ليس بحاجة إلى مناورات فهذه قمة الإجرام الإنساني، إن التفكير مجرد التفكير في إزالة الركام في هذه المدن ربما يكلف أكثر من بناء مدن جديدة تحل محلها، كما أن هذه المدن لم تبن في يوم وليلة فما تم تدميره خلال خمس سنوات بعضه بني على مدى ثلاثة آلاف عام وما استحدث منه بني على مدى عشرات السنين، إن ما يجري جريمة إنسانية غير مسبوقة لأنها تستهدف أرض الرسالات والرسل في العراق والشام واليمن ومن ثم فإن ما يجري ليس عبثا وإنما هي جريمة منظمة ضد أرض الرسالات ويكفي أن تنظر للمجرمين المشاركين فيها من الشرق والغرب لتكتشف أنهم جميعا من أعداء الرسل والدين.

بقلم : أحمد منصور

copy short url   نسخ
08/05/2016
540