+ A
A -
بينما كان نصف حلب على الأقل طوال السنوات الماضية خارج سيطرة النظام في سوريا ويخضع لسيطرة الثوار وكانت مناطق أخرى كثيرة تخضع لسيطرة الثوار وعجز النظام مرارا عن تحريرها جاء دخول الروس على الخط وتنازل الأميركان لهم عن كل دورهم في سوريا كي يقوم الروس بالدور الرئيسي في صناعة خرائط سوريا وفق مصالحهم ومصالح حلفائهم الايرانيين والنظام العلوي في دمشق، ولأن حلب العاصمة التاريخية لكثير من الممالك التي قامت في الشام والتي تتمتع بموقع استراتيجي خطير يربط دمشق مع الساحل مع تركيا أصبحت حلب تمثل مركزا هاما في صناعة أي تقسيم جغرافي أو استراتيجي في سوريا لذلك قرر الروس أن يطهروا حلب تماما من أي وجود لأي معارضين للنظام وأن تصبح جزءا من أي دويلة علوية أو عملية تقسيم تجري في سوريا بحيث تحمي منطقة الساحل العلوي وتضمن لدمشق دورا استراتيجيا قويا وتضعف أي سلطة أو نفوذ للأتراك علي شمال سوريا، بل تصنع شمال سوريا دويلات متناحرة تزيد أزمة تركيا في التعامل مع الأقليات التي تسعي كل منها لأقامة دويلة لها على طول الساحل الحدودي بين سوريا وتركيا، فحلب لا تبعد عن حدود تركيا أكثر من 80 كيلو مترا وبالتالي من يسيطر على حلب يسيطر على الشمال السوري كله ولأن الأتراك وحلفاء الثوار بشكل عام كانوا بين التباطؤ والعجز والرضوخ للرغبة الأميركية فلم يمدوا الثوار بما يمكنهم من تحرير حلب أو التمسك بما تحت ايديهم من المناطق المحررة لذلك جاء الروس وفرضوا أجندتهم وخرائطهم التي تخلوا من أي بعد إنساني أو احترام للآخر وظهرت الفضيحة الكبري حينما أعطاهم الأميركان الضوء الأخضر لكي يفعلوا في حلب ما يريدوا وفق اتفاق بينهما نص علي أن تكون حلب خارج مناطق التهدئة التي اتفقوا عليها مما يعني أن كل ما يجري في حلب هو بموافقة وتواطؤ ومشاركة أميركية، وان هذه المعركة الشرسة يمكن أن تفرض واقعا جديدا سيتم إضعاف موقف الثوار عسكريا واستراتيجيا وجغرافيا ومن ثم يفرض الروس والنظام على الآخرين ما يريدون وتدفع تركيا والدول الحليفة للثوار ثمن مواقفها المتخاذلة والمترددة والتي اكتفت بدعم المهاجرين وتقديم العون لهم مع تقديم ما يسمح به الأميركان فقط للثوار من سلاح والذي لم يمكنهم حتى من الحفاظ على الأماكن التي حرروها طوال السنوات الماضية.

المشكلة لن تكون في تطهير حلب من أي وجود للثوار وضمها للدولة العلوية التي يرتب لها فحسب ولكن صناعة شمال سوري مشرذم يذيق تركيا الأمرين من دويلات متناحرة وجماعات عرقية تزيد أزمة تركيا وتدخلها في دوامة جديدة من عدم الاستقرار.



بقلم : أحمد منصور

copy short url   نسخ
04/05/2016
448