عندما تبدأ مشروعاً جديداً ستظن بأن العالم كله ينتظرك، ليستفيد من خدماتك، لكن بعد فترة من وجودك في السوق ستتضاءل الدائرة أكثر وأكثر حتى تكتشف زبائنك الدائمين.
بالنسبة لتجربتي في مجال تصميم الجرافيك، كان السوق القطري صعباً جداً، وإن كان الجميع يدّعون أنهم يدعمون القطاع الخاص، لكنه لا يحتاج للدعم فقط، بل لإتاحة المجال للعمل بشكل حقيقي، وذلك يتحقق باستخدام الجهات فعلاً لهذه الخدمات.
هناك من يقول إن خدمات التصميم مطلوبة لجميع الجهات الكبرى بشكل يومي، نعم، لكن أغلب الجهات توظف مصممين لها لتلبية جميع احتياجاتهم، فيصبح لديها قسم خاص بالتصميم وآخر للكتابة الإبداعية والتصوير، وبذلك لا مجال للعمل مع شركات التصميم وشركات الدعاية والإعلان الخارجية، وهكذا فإن عدد زبائننا من المؤسسات الكبرى كان يتضاءل أكثر مع مرور السنوات.
ولقد سمعت كثيراً عن تجارب الدول في منع توظيف المؤسسات لموظفين ثابتين في بعض المجالات الإبداعية مثل التصميم والتصوير، ليتيحوا بذلك المجال لتواجد الشركات الخاصة في السوق، ويزداد التنافس للحصول على عقود جديدة، وأظن أنها فكرة جيدة ستخلق الحاجة للشركات الخاصة بشكل فعلي، وسيؤدي هذا إلى ظهور شركات جديدة نظراً لحاجة السوق إليها.
لذلك كان أغلب زبائننا من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع والمطاعم والمقاهي الجديدة يطلبون الخدمة لمرة واحدة: تصميم هوية بصرية كاملة، وننتهي من الزبون لنبدأ بغيره، وبالطبع علينا مراعاة الأسعار لهذه الفئة نظراً لمحدودية ميزانيتهم وقدرتهم على الدفع، لذلك بقينا في هذه الدائرة الصغيرة لفترة طويلة. ولأننا كنا نبحث دائماً عن مشاريع وشرائح جديدة، يمكنني القول إننا جربنا جميع أنواع الزبائن!
دخلنا في فترة من الفترات إلى سوق المدارس، وهو سوق واسع جداً وطلباته لا تنتهي من لوح حائط ومنشورات وصور للطلبة وتصاميم التوجيهات المدرسية وغيرها، لكن المشروع حتى ينتهي كان يكلفنا صحتنا النفسية والعقلية، فالتعامل مع المدارس مرهق جداً وعشوائي في كثير من الأحيان، ولا ألوم المدرسات لكثرة أعبائهن ومشاغلهن، حيث كنا نذهب مع شركات الطباعة بعد انتهاء دوام الطلبة لنحصل على القياسات، ثم نسعر التصاميم، ثم نعد تصوراً واضحاً لكل تصميم، ثم نصمم وننتظر طويلاً، وبعدها تبدأ مرحلة من التعديلات التي لا تنتهي حتى نصل بعد شهور للنتيجة النهائية، هذا فضلا عن الاتصالات والاجتماعات الكثيرة لكل خطوة. هي باختصار شريحة صعبة، وفوق هذا فإنهن ملزمات بميزانيات محدودة، وللأسف، لم يكن بإمكاننا رفع أسعارنا لتعويض الألم النفسي.
لقد استمتعنا كثيراً بالعمل مع جميع زبائننا، حيث نفذنا مئات الهويات البصرية والتصاميم التي نفتخر بها، والتي نالت رواجاً كبيرا.