+ A
A -
حاتم ماضي كاتب لبناني

ما انفك مهندسو انتخابات رئيس جمهورية لبنان سواء في الداخل أو الخارج يضعون المواصفات التي يجب أن يتحلى بها هذا الرئيس.

لقد فات هؤلاء، ربما، أن رئيس الجمهورية في لبنان بعد الطائف لم يعد كما كان قبل الطائف. فالرئيس اليوم لم يعد يحكم وحده لأن ثمة من يتشارك معه في الحكم، وهو رئيس الحكومة ومعهما مجلس الوزراء.

إذا كان رئيس الجمهورية منتخبا من قبل أكثرية ثلثي أعضاء مجلس النواب أي اكثرية الأكثرية، فإن رئيس الحكومة تعينه أكثرية الأقلية من النواب. ولهذا السبب لا يشكل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة غالب الأحيان فريقا حكوميا متجانسا سياسيا.

قد لا يطيب للبعض الاعتراف بأن الحكم في لبنان بعد الطائف صار عملا مشتركا أقله في القضايا الهامة والحساسة. ومثل هذه الشراكة مطلوبة قي بلد مثل لبنان حيث التنوع الطائفي والمذهبي على أشده، ويفضلون ربما «سيف التوقيع» الذي يتمسك به من كان معارضا للقرار بحيث تصبح عجلة الحكم مشلولة.

وثمة سلاح آخر لا يقل ضررا عن سيف التوقيع يتمثل بالثلث المعطل بحيث إن الفريق الذي يملك هذا الثلث من الوزراء يستطيع التحكم بالحكومة ويضع استمرارها بالحكم تحت رحمته ورهن إرادته ودائما يكون هذا الثلث المعطل من حصة رئيس الجمهورية لإيجاد نوع من التوازن بين سلطته وسلطة رئيس الحكومة. وقد ابتدعت العبقرية السياسية اللبنانية نظرية «الوزير الملك» أي الوزير الذي يكمل الثلثين عندما تدعو الحاجة.

عندما تكون آلة الحكم على هذه الصورة فكيف يمكن ان نتصور ان باستطاعة هذه الآلة ان تحكم وان تنفذ برنامجها الذي تكون قد اعلنته أمام مجلس النواب، وتكون قد نالت ثقة المجلس عليه؟! كذلك هل ما يزال يجدي نفعا ان يوافق رئيس الجمهورية وحده على أي تعهد سابق لانتخابه؟!

لقد أظهرت التجربة اللبنانية أن طريقة إنشاء السلطة الإجرائية وطريقة انهاء دورها تشبهان عملية النصب المتبادل للأفخاخ بحيث كانت عملية تأليف الحكومة تستغرق أشهرا طويلة، ما يؤدي بالتأكيد إلى شلل شبه تام في عمل السلطة الإجرائية.

من الضروري لفت النظر إلى ان مسؤولية رئيس الجمهورية في لبنان هي مسؤولية سياسية وليست مسؤولية عقابية، لأن «العقوبات» المنصوص عنها في الدستور ليست عقوبات بالمعنى المقصود في مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. وهذا ما يحدو بنا إلى التوقف عن الكلام عن «مواصفات رئيس الجمهورية» لأن هذا الرئيس هو رأس الدولة ورمز وحدة الوطن.اللواء اللبنانية

copy short url   نسخ
18/03/2023
5