+ A
A -

يحتفل العالم في 8 آذار/‏ مارس من كل عام بيوم المرأة وتأخذ الاحتفالات العديد من الأشكال المختلفة من ندوات واحتجاجات ومظاهرات لاستكمال مسيرة نساء العالم من أجل المساواة بين الجنسين وتقليل الفجوة بينها والرجل في العمل والحقوق.

لكن بالمقابل ثمة من يتساءل (وأنا منهم) هل نحن بحاجة إلى يوم للمرأة لكي نتذكّر فيه أنّ علينا الاحتفال بها، أو تقديم الشكر لها على ما تبذله من عطاء منقطع النظير؟! لماذا تحتاج يوما بينما هي كلّ الحياة، وصاحبة الحضور الأقوى والأكبر في كلّ أيام السنة، لماذا نكرس بهذا اليوم ثقافة أن الذكر هو القاعدة وأن الأنثى هي الاستثناء؟!

المرأة -يا رعاكم الله- لا تريد يوما خاصا بها ولا أن نتذكرها بوردة وقطعة شوكولاته وبطاقة أو احتفالية بائسة، المرأة لا تحتاج كوتا ومعاملة خاصة بقدر ما تحتاج منحها نفس الفرص التي تعطى للرجل وأن يتم الحكم على النتائج بعيدا عن الهوية الجندرية.

بالمناسبة، ألا يظهر اليوم العالمي للمرأة وكأنه احتفال لجانب طبقي اجتماعي، سيدات يحتفلن ويظهرن بالاحتفالات وعلى شاشات التلفاز بينما ننسى تلك المرأة التي تكون ربة بيت في الصباح، ومعلمة أو مهندسة أو ممرضة أو طبيبة في وسط النهار، وزوجة أنيقة في السهرة.. ننسى المرأة التي تمسح جبينها من عرق النهار وشمس الصيف اللاهب التي دفعت ثمن فاتورة الحروب في مشارق الأرض ومغاربها حين أصبحت إما مقتولة أو أرملة أو مهجرة أو متسولة بعد أن دفعها الفقر للخروج إلى الشوارع لمد يديها من أجل لقمة العيش؟!

ما أودّ قوله هنا، إن المرأة لا تحتاج إلى مثالية الرجل المفرطة كبطاقة تهنئة مبالغ فيها بعبارات التكريم المزيفة، أوأقوال لعظماء، أو محاضرات وندوات، واحتفالات يتخللها توزيع باقات ورد بدون رائحة، أقل ما تطالبكم به المرأة هو أن تدعوها تثبت وجودها وذاتها دون التقليل من شأنها والانتقاص من شخصيتها.

في آذار، ملك الشهور والتوقيت «الأمومي»، مسقط رأس الحياة، ربيع الأيام بصيغة المذكر، الغارق حتى أذنيه بعبير ربيع التأنيث، لا أرى فيه إلا صورة أمي، سيدة العمر الأولى، الحاضرة بكل تفاصيلها.

وأخيرا؛

أنا أكتب إليكِ تحديدا، نعم أنتِ يا من تقرأين هذه السطور، نعم أخاطبكِ أنتِ: الأم، الزوجة، الأخت، البنت، والزميلة: قضيتك لا تمر بيوم أو شهر أو سنة، يكفي لك أن كل لحظة لا تكتبها حواء بلغتها وأنفاسها؛ لن يقرأها أهل الأرض.

شخصيا لا أستطيع اختصار المرأة بيوم، فكل الأيام لها حتى ترضى!

copy short url   نسخ
07/03/2023
215