+ A
A -
احتفلت دول الاتحاد الاوروبي يوم السبت الماضي بالذكرى الستين لتأسيس الاتحاد في معاهدة روما التي وقعت بعد نداء من البابا لجمع الدول المسيحية الاوروبية في وحدة واحدة، بعد الحرب العالمية الثانية، فمنذ انهيار الدولة الرومانية لم يتمكن الاوروبيون من الاجتماع تحت راية دولة واحدة، وكانوا غارقين في الحروب فيما بينهم، التي كان آخرها الحرب العالمية الثانية، ورغم محاولات عديدة لجمعهم، منها ما قام به نابليون وهتلر خلال القرنين الماضيين، لكن كلتا المحاولتين باءت بالفشل.
بدأت المحاولات الأولى على يد كل من ألمانيا وفرنسا وايطاليا ومعهم بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ عام 1951 فيما عرف بدول الجماعة الاوروبية للفحم والصلب، غير ان ذلك تبلور في معاهدة روما التي عقدت بين نفس الدول في 25 مارس عام 1957، ثم رسمت كل معالمه وبنوده في معاهدة ماستريخت التي وقعت في ديسمبر عام 1993، حيث تمدد بعدها الاتحاد الاوروبي حتى وصل إلى 28 دولة قبل ان تعلن بريطانيا عن خروجها، ولان الاتحاد أسس بنداء من البابا فقد حرص البابا على الاجتماع بدول الاتحاد في الفاتيكان في ذكراه الستين، وذلك مساء الجمعة الماضي، حيث خاطبهم البابا فرنسيس - حسبما نقلت رويترز- معلنا مخاوفه من التهديدات التي يتعرض لها الاتحاد، وكان واضحا حينما قال لهم «ان الاتحاد مهدد بالموت»، وندد البابا بالنزعة الشعبوية المناهضة للمهاجرين وانتشار التطرف في القارة، واصفا إياه بأنه «تهديد مميت»، وأكد البابا على ان الاتحاد الاوروبي يعاني «فراغا في القيم»، وقال لقادة الاتحاد الاوروبي «عندما يفقد الجسم حاسة التوجيه ولا يستطيع النظر إلى الأمام فانه يمنى بانتكاسة وعلى المدى الطويل يواجه خطر الموت».
ولمن تابع مسيرة الاتحاد الاوروبي طوال الستين عاما الماضية يجد ان الاتحاد حرص رغم الاختلافات المذهبية بين المسيحيين الاوروبيين مثل اليونانيين الارثوذكس والايطاليين والفرنسيين والالمان الكاثوليك والبريطانيين الانجليكانيين واختلاف اللغات والأعراق الا انهم حرصوا ان يتجمعوا تحت راية الصليب ورفضوا حتى الآن أي وجود إسلامي بينهم بل انهم في المقابل لم يسمحوا باي وحدة إسلامية بل وكانت سياستهم الناجحة طوال ثلاثة عقود مع المسلمين هي «فرق تسد»، وكانوا صرحاء في تقويض انضمام تركيا ليس من الآن ولكن من قديم حتى ان رئيس الوزراء التركي الاسبق مسعود يلماظ، وهو علماني اتاتوركي، سبق وان صرح أكثر من مرة بان اوروبا ناد مسيحي، ولا يمكن ان تقبل بوجود دولة مسلمة مثل تركيا بينهم، كما ان اوروبا ضمت القسم اليوناني من جزيرة قبرص المتنازع عليها بين الاتراك واليونانيين رغم الخلاف والنزاع القائم، وتركت القسم المسلم حتى دون ان تسعى لحل مشكلة الجزيرة، أما دول البلقان المسلمة مثل البانيا والبوسنة فانها منحت امتيازات لكنها لم تمنح العضوية رغم انها دول أوروبية في مسلكها وكل شؤونها.
رغم كل هذا فان الذكرى الستين تحل على الاتحاد الاوروبي وهو يواجه عاصفة من الأزمات تكاد تعصف به جعلت بابا الكنيسة الكاثوليكية الذي وجه النداء الأول لتشكيل الاتحاد بداية الخميسينيات يجتمع بهم يوم الجمعة الماضي ليذكرهم بأن انهيار القيم يهدد بانهيار هذا النادي المسيحي بعد ستين عاما من قيامه.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
27/03/2017
49529