حين يفكر الإنسان في القدرة الإلهية التي جعلت منه كائنا يفكر ويختار ولديه إرادة وبصيرة فلابد أن يسجد لله الخالق الأعظم..فالإنسان يتفق مع الحيوانات في بعض الصفات ولكنه أرقى المخلوقات في مملكة الحيوان، ميزه الله بالعقل والذاكرة والإرادة.
وفي المخ- هذا الجزء العجيب- آلاف العمليات الكيميائية بحيث يقدر على أن يخزن الأحداث والمعلومات بطريقة معقدة ويستدعيها وقت اللزوم وقد يراها في مخيلته مثل فيلم سينمائي بالصوت والصورة، وفي المخ توجد الحواس..السمع والبصر والذوق والشم، وفيه تحتدم العواطف..الحب والكراهية والتسامح والحقد..
ومن الصعب على الإنسان أن يلم الماما كاملا بكل ما فيه تكوينه من معجزات، وللدكتور عبد المحسن صالح أمثلة طريفة لتقريب معنى المعجزة في خلق الإنسان، فيقول لو افترضنا أننا استطعنا تصنيع جهاز يعمل بعمل المخ فإن ذلك يحتاج إلى مائة بليون بليون توصيلة، ولو تصورنا أننا قادرون على إمداد هذا المخ بالطاقة كما في مخ الإنسان فسوف يلزم لكل فرد مليون كيلووات من الكهرباء على الأقل بخلاف الكهرباء اللازمة لعمل العين والقلب، بعد كل ذلك فإن هذا المخ الصناعي لا يمكن أن يقوم بما يقوم به المخ البشرى الذي خلقه الله.
ويتوقف الدكتور عبد المحسن صالح عند الطاقة التي خلقها الله في الإنسان ليقول إن الكيلوجرام من كبد الإنسان أو من أمعائه لو تحول إلى طاقة كهربائية فإنه يكفي لإنارة عشرة مصابيح كل منها 100 وات لمدة مليونين و850 ألف سنة.
وفي جسم الإنسان من مادة الكربون ما يكفي لصناعة 9آلاف قلم رصاص، ومن الفسفور ما يكفي لصناعة 2200‚أس عود كبريت، ومن الماغنسيوم ما يكفي لتجهيز جرعة كبيرة من شربة الملح، ومن الحديد ما يكفي لصناعة مسمار متوسط الطول، ومن الجير ما يكفي لدهان حجرة صغيرة، ومن البوتاسيوم ما يكفي لتخليص حيوان من البراغيث.
وكل هذا هو كل ما في الإنسان، لأننا لو نظرنا إلى الإنسان على أنه مكون من عدة مواد فإننا نخطئ لأن المعجزة تكمن أكثر في هذا السر الكامن في الإنسان وهو الروح والقدرة على التفكير وعلى الشعور والاختيار.
وعندما يتأمل الإنسان كيف خلق وكيف يعيش سوف يرى المعجزة الإلهية تتجلى في كل جزء من أجزاء جسمه، فالقلب ينبض مائة ألف نبضة في اليوم ليضخ أكثر من 650 كيلو جرام من الدم، ويعمل ليل نهار بلا انقطاع ولو ثانية واحدة.
أما الخلايا العصبية فهي قمة المعجزات فهي تعمل مثل شبكات رادار عظيمة، تلتقط الأحداث التي تجرى حول الإنسان وتبعث بها إلى المخ ليقوم بفك شفرتها بسرعة متناهية ويبعث بتعليماته إلى أعضاء الجسم لتتفادى ما يمكن أن يواجهه من مخاطر، وما يلزمه في هذا الموقف أو ذاك من حركة وتصرف، فيجرى أو يتجمد أو يواجه أو ينفعل ثائرا أو سعيدا بحسب الأحوال.
بقلم : رجب البنا