الجرح الإيراني المفتوح في سوريا أعمق بكثير مما يعترف به النظام في طهران، بل لعله سيدفع بالتدريج نحو انهيار الحكم هناك إذا لم يتم تعديل السياسة المتبعة وإجراء الإصلاحات اللازمة.
وعندما بث موقع «إيران فوكس» أمس الأول معلومات في غاية الأهمية والخطورة حول الخسائر البشرية الحقيقية، كما قال، كان الرقم الضخم الذي أورده الموقع يدور حول عشرة آلاف مقاتل من الحرس الثوري لقوا مصرعهم في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد.
ويتعارض هذا الرقم المروِّع، الذي لم تتوفر إلى جانبه أعداد الأسرى والجرحى، تعارضاً كبيراً مع ما أُعلن رسمياً في طهران قبل أيام، وذلك عندما أعلن محمد علي شهيدي محلاتي، نائب الرئيس وممثل المرشد الأعلى في مؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى لوكالات الأنباء المحلية، أن عدد القتلى هو «2100». وكان محلاتي ذاته قد قال في شهر نوفمبر من العام الماضي إن القتلى بلغوا ألفاً من المقاتلين في السنوات الأربع الأولى من الوجود العسكري الإيراني في سوريا.
لكن ما أعلنته مصادر «المقاومة الإيرانية» لموقع «فوكس» قَلَب المعادلة ودفع الكثير من المحللين إلى التشكيك في أرقام الحكومة، مع أن الرقم «2100» المعترف به رسمياً ليس بالعدد القليل، على أي حال.
وتضيف المقاومة التي سبق لها أن كشفت للعالم عن وجود برنامج إيراني نووي سري، أن العديد من المقاتلين القتلى يُدفنون في مقابر سرية داخل سوريا، مؤكدة أن الخسائر البشرية الإيرانية مضافاً إليها المرتزقة المستقدمون من التجمعات الشيعية في أفغانستان وباكستان وحتى من العراق وسوريا ولبنان، ضربت حاجز العشرة آلاف.
وأشارت وكالات أنباء عالمية في الآونة الأخيرة إلى أن سر الدعم الإيراني المتعنت لبشار الأسد، يعود إلى اعتقاد لدى صُناع القرار في طهران بأن رحيل الأسد أو سقوطه يعني أن إيران هي التالية، خاصة مع رحيل «صديقها» باراك أوباما وحلول دونالد ترامب عدوها الأول، الحاقد تماماً على دولة الإرهاب الأولى إيران، حسب قناعاته، وقناعات أغلبية العالم.
ولا يخفي عديد الإيرانيين اعتقادهم بأن التحالف الإيراني الصلب مع بشار له من الأضرار أكثر بكثير مما له من الفوائد، في غمرة رسوخ متزايد للفكرة القائلة إن بشار الأسد ورقة محترقة وأنه إذا حَكَم سوريا، فلن يكون ذلك سوى لفترة صغيرة وذات طابع مؤقت.
وكتب السجين السياسي الإيراني مصطفى تاجرزادان معلقاً على هذه القضية بقوله إن إيران الرسمية مهتمة بقتل الشعب السوري وإشعال نار الطائفية، وأنها تغوص كل يوم نحو أعماق المستنقع السوري.
ويقول مهدي خزعلي المستشار السابق لعضو مجلس الأوصياء أبو القاسم الخزعلي إن الحرب مع العراق التي انتهت بهزيمة إيران واستغرقت ثماني سنوات.. تكفي، مضيفاً: «نحن نقاتل في سوريا منذ خمس سنوات وهذا خطأ ما كان يجب أن يُرتكب».
.. يتبع غداً.
بقلم : مازن حماد