+ A
A -

شكلت زيارة حضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر إلى تركيا تمثيلا عالي المستوى، لوقوف قطر إلى جانب أنقرة خلال محنة الزلزال الأخيرة، والتي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من المدنيين.

وقدمت قطر مساعدات ضخمة عبر آلاف المنازل وملايين الدولارات وفرق الإغاثة والإسناد، وخصصت لذلك جسرا جويا يربط الدوحة بالمناطق المنكوبة.

ليس مدار الحديث هنا العمل الخيري القطري الذي يمثل، إلى جانب دول مثل الكويت، أحد المراجع الأساسية للأعمال الإنسانية العربية، وذلك في كل المجالات، بل مدار الحديث عن العلاقة التركية - القطرية باعتبارها واحدة من أهم نماذج الإسناد الاستراتيجي لكلتا الدولتين.

بالنسبة للدوحة فإن أنقرة قد شكلت حليفا ذا قيمة مركزية، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الاقتصادي، وظهر هذا الإسناد والتواصل خلال الأزمات التي عرفتها المنطقة، أو التي عرفتها كلتا الدولتين على المستوى الإقليمي.

أما بالنسبة للجانب التركي، فتمثل علاقتها مع قطر عنوانا على ثبات المواقف من جهة، وانعدام التذبذب الذي يميز العلاقات العربية الرسمية مع أنقرة من جهة أخرى، وهي العلاقات التي تتأثر كثيرا بقرارات القوى الدولية.

الحليف الثابت الاختياري عملة نادرة في العلاقات الدولية بسبب تغيرات السياق، لكنّ العلاقات التركية - القطرية حافظت على خصائص التبادل والإسناد المشترك طوال السنوات الماضية، ولم تتأثر بالتحولات الدولية الكبرى، بل كانت الأزمات التي مرت بها المنطقة درسا لتأكيد ثبات هذه العلاقة، خاصة أنّ الحضور التركي في المنطقة العربية يثير كثيرا من الجدل، مشرقا ومغربا، لأسباب تاريخية معلومة.

من جهة ثانية، تظهر خصائص هذه العلاقة في الوزن السياسي والجغرافي والديمغرافي لكلا البلدين، حيث تمثل تركيا عملاقا إقليميا يربط بين قارة أوروبا وآسيا من جهة، وهي عضو في حلف الناتو، وعلى علاقة وطيدة بالقوة الروسية.

أما قطر فهي دولة عربية صغيرة من جهة السكان والجغرافيا، لكنها نجحت في أن تتحول خلال العقدين الأخيرين إلى لاعب مركزي في العلاقات الدولية، وخاصة ما تعلق منها بملفات الشرق الأوسط وصولا إلى أفغانستان.

فقد تحولت قطر في السنوات الأخيرة إلى محطة دولية في مجالات كثيرة، بما فيها المجال الرياضي، كما برهنت على ذلك خلال كأس العالم الأخيرة، لكن هذا الصعود السريع يستوجب اليوم بحثا في أدوات ووسائل تثبيت النجاحات التي حققتها الدولة في الداخل والخارج.

ليس أصعب من تحقيق النجاح إلا المحافظة على وتيرته، وهي الضامن الوحيد لاستمرارية قوة الدولة وسيادتها عبر تنويع وسائل النجاح وملاءمتها للسياقات المستجدّة[email protected] -

copy short url   نسخ
16/02/2023
870