+ A
A -
أشاد مراد باشا، عضو في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بجهود دولة قطر في مساعدة تركيا على استضافة اللاجئين السوريين، منوّهاً بدور الجمعيات الخيرية القطرية والتركية وتعاونها لتقديم المساعدات الغذائية والمؤن والأدوية وتشغيل المرافق الحيوية التي تضمن سبل المعيشة الكريمة للأعداد المتزايدة من اللاجئين في المخيمات.
وقال باشا إنّ مشاركة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في أعمال القمة العالمية للعمل الإنساني -التي انعقدت منذ أيام في اسطنبول- تعكس الدور المحوري الذي تلعبه قطر في مجال العون الإنساني وتقديم المساعدة للمحتاجين في مناطق النزاعات والكوارث الطبيعية، وخاصةً في مجال التعليم، مُعرباً عن أمله في أنْ تكون القمة منطلَقاً نحو نتائج عملية تتجسّد على أرض الواقع.
وأشار باشا إلى أنّ عدد اللاجئين في تركيا قد ارتفع إلى نحو ثلاثة ملايين شخصاً، لافتاً إلى أنّ الضربات الجوية التي يشنّها التحالف الدولي ضدّ داعش بمحافظة «الرقة» قد ساهمت في زيادة عددهم بشكلٍ ملحوظ.
وأوضح باشا أنّ أبرز التحدّيات التي تواجهها تركيا اليوم يتمثّل في تحقيقُ التوازن بين الحفاظ على الأمن والاستقرار، واحتواء اللاجئين ورعايتهم وتلبية احتياجاتهم في آنٍ معاً، مؤكداً أهمية توفّر آلية منظّمة لدخول اللاجئين إلى تركيا.. وفي ما يلي نصُّ الحوار:

بدايةً، نودّ لو تحدثنا عن جهود هيئة الإغاثة الإنسانية التركية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين؟
- وفق آخر الإحصائيات فقد ارتفع عدد اللاجئين في تركيا إلى نحو ثلاثة ملايين، وهم متوزّعون على المدن التركية، منها عشر مدن تحتضن بيوتاً جاهزة ومخيّمات لهم. وجهودنا مكثّفة لمساعدة اللاجئين السوريين داخل وخارج تركيا بدعمٍ من المؤسسات الإنسانية المحلية والعالمية، ونهتمّ بالإغاثة العاجلة وتوفير السكن والرعاية الصحية لهم. إنّ هيئة الإغاثة الإنسانية التركية تحرص منذ تأسيسها عام 1992 وحتى اليوم على تقديم جميع أنواع المساعدات الإنسانية للمحتاجين والمضطَّهدين في جميع أنحاء العالم، بسبب الحروب أوالمجاعات أوالكوارث الطبيعية وغيرها من الأسباب، وبغضّ النظر عن بلدانهم أو أديانهم أو أعراقهم أو لغاتهم. ونحن نولي اهتماماً خاصاً بملف الأيتام، لأنّ الأيتام إذا لم يحتضنهم المجتمع بشكلٍ صحيح ستحدث إشكاليات مستقبلاً، فالدراسات تؤكّد خصوصية نفسية الطفل اليتيم حتى عندما ينخرط مع زملائه في المدرسة لأنّ الظروف التي يُعايشها وكونه بلا أم أو أب قد تترك ترسّبات سلبية في نفسيّته ورُبّما تتحوّل إلى مشاكل سلوكية فيما بعد عندما يتخرّج ويواجه الحياة العملية؛ وهنا تكمن أهمية أنْ نضع استراتيجية لاحتضان الأيتام تأخذُ بعين الاعتبار ظروفَهم الخاصة حتى نتمكّن من نقلهم إلى المجتمع بطريقةٍ صحيحة ومساعدتهم ليُصبحوا قادرين على العيش بإمكانياتهم الذاتية. ويتركـز نشاطنا المتعلـق بالأيتام على حمايتهم أولاً وقبل كل شيء والحفاظ عليهم من أي شكل من أشكال الاستغلال، وإحاطتهم بالرعاية العائلية اللازمة وتوفير فرص التعليم لهم.

ماذا عن الأوضاع في مخيمات اللاجئين والأولوية التي يقتضيها هذا العدد الكبير؟
- إنّ البنية التحتية جيدة بشكلٍ عام في قسمٍ من المخيمات، وتتوفّر فيها معظم المستلزمات الأساسية مثل المياه والمطابخ والشروط الصحية، لكنّها في قسمٍ آخر تشوبها بعض المشكلات بسبب العجلة التي أُنشئت فيها هذه المخيمات، ومنها مشكلة البرد.
ومن أهمّ الأمور التي ينبغي التركيز على تطويرها هو إدارة المخيمات بشكلٍ يُراعي ظروف سكّانها وأنّهم اضطروا إلى ترك أهلهم وبيوتهم وكلّ ما يملكون، فمنهم من كان تاجراً أوطبيباً أومعلّماً في بلده وهُجّر بسبب ظروف الحرب وأصبح يعيش في مخيّمات.

*القمة الإنسانية

كيف تقيمون الوعود الأوروبية بمساعدة تركيا في استيعاب أزمة اللاجئين؟ وماذا تضيف القمة الإنسانية الأولى في هذا الملف؟
- لدى الدول الأوروبية والمجتمع الدولي معايير محدّدة فيما يتعلّق بمساعدة اللاجئين. وهناك إشكالية في تعريف كلمة «لاجئ» وما تقتضيه في القوانين الغربية. وقد جاء مؤتمر القمة الإنسانية الذي استضافته اسطنبول الأسبوع الماضي في ظل تحديات إنسانية كبيرة أفرزتها الأزمات والحروب والكوارث في عددٍ من مناطق العالم، وتكمن أهمّيته في أنّه ركّز على وضع سياسات فعّالة لمواجهة الحالات الطارئة، وإنهاء الأزمات الإنسانية التي تعاني منها شعوب العالم، وتطوير خطة عمل في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، وذلك بمشاركة نحو 60 رئيس دولة أو حكومة وأكثر من 6 آلاف من المسؤولين وممثلي الهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني. ونأمل أن يكون المؤتمر منطلقاً من النظري نحو نتائج عملية نراها على أرض الواقع.

أيّ الخيارين أنسب: أنْ تستوعب أوروبا اللاجئين السوريين، أم أنْ تستوعبهم تركيا بدعمٍ أوروبي؟
- هذا القرار يعود للإخوة السوريين، والحل الأفضل هو أن يرجعوا إلى ديارهم، ولأجل هذا لا بدّ أن نُطفئ الحرب التي تُعاني منها بلادهم فسوريا تحتاج إلى خبرات وعقول أبنائها لتتطوّر وتزدهر. أما الخيار الأنسب المتاح في الوقت الحاضر فهو –في رأيي- أن يبحث السوريون عن فرص العمل والمعيشة الكريمة في أوروبا أو تركيا أو أي بلد.

ما هي ملاحظاتك على الاتفاق الأوروبي-التركي بشأن اللاجئين السوريين؟
- في النهاية ليس أمام دول الاتحاد الأوروبي سوى خيارين، إما إنهاء الأزمة في المنطقة أو توفير فرص المعيشة الكريمة للاجئين السوريين.

كثُر الحديث عن إقامة منطقةٍ آمنةٍ على الحدود السورية التركية، كيف تنظرون إلى هذا الاقتراح وإمكانية تطبيقه على أرض الواقع؟
- وجود منطقة آمنة من الاقتراحات التي قدّمناها، لكنّ هذا النوع من القرارات لا يُؤخد بسبب أبعاد سياسية، وإذا أُخِذ فإنّه لا يُنفّذ. أنْ يكون في الأراضي السورية بعض المدن والمخيمات التي تتيح للسوريين متابعة حياتهم في بلدهم، حلٌّ له إيجابيات كثيرة منها تجاوز الصعوبات التي يُعانون منها عند سفرهم إلى بلدٍ جديد لا يتحدّثون لغة أهله.. لكن أيضاً تسرّنا رؤية السوريين وهم يتعلمون اللغة التركية ويتفاعلون مع المجتمع التركي.

*فرص عمل وتعليم
إلى أي مدى زادت الضربات الجوية التي يشنّها التحالف الدولي ضدّ داعش بالرقة عدد اللاجئين؟
- هذه الضربات ساهمت في زيادة عددهم بشكلٍ ملحوظ. ولابدّ أن يكون هناك آلية منظّمة لدخول هؤلاء اللاجئين إلى تركيا بما يُحقق التوازن بين التعامل معهم بكل حذر وبكل إنسانية في آنٍ معاً. التحدّي الكبير الذي تواجهه تركيا اليوم هو تحقيق التوازن بين الحفاظ على الأمن والاستقرار المحلي، وفي نفس الوقت احتواء اللاجئين ورعايتهم وتلبية احتياجاتهم.

كيف تنظر إلى أهمية إيجاد فرص عمل للاجئين السوريين في تركيا؟
- شكّل هذا تحدياً كبيراً بالنسبة لنا في بادئ الأمر، لكن في الوقت الحالي أصبحت وزارة العمل تُسجّل الإخوة السوريين وتتيح لهم فرص العمل في جميع المجالات بتركيا. حيث بإمكانهم العمل بوظائف حكومية، لكنّ رواتبهم لا تُقتطع من الميزانية الرسمية للدولة بل تأتي بدعمٍ من منظمات المجتمع المدني والهيئات الإنسانية.

ماذا عن الرعاية الصحية ومدى اهتمام تركيا بتوفير فرص التعليم للجيل السوري الذي شبّ في ظروف حرب؟
- تُعطي وزارة التعليم بتركيا تعليمات لمدارس في جميع المدن والأحياء بأن تُخصّص صفوفاً للطلبة السوريين. وهناك مدارس خاصة بدعمٍ من جمعيات إنسانية تدرّس مناهج باللغة العربية. أما فيما يتعلق بالدراسة الجامعية فقد أصبحت متوافرة بسهولة في تركيا، حيث يتم تخصيص مقاعد لنسبة معينة من الطلبة اللاجئين من السوريين وغيرهم. وبالنسبة للرعاية الصحية، بإمكان أي عائلة سورية لاجئة مسجلة لدى الدولة أن تتوجه إلى المراكز الصحية لتحصل على الدواء بدون أجر مالي؛ وهذا يعكس الجهود الحثيثة لوزارة الصحة في جمع كل ما يُمكن من التبرعات للاجئين وبذل كل ما في وسعها لمساعدتهم والتخفيف من معاناتهم. أنا لا أقول بأن الوضع «مثالي» ولكنّني أسلط الضوء على الجانب الإيجابي ونحاول أنْ نتجاوز الجانب السلبي بمعالجة أي مشكلات.

كيف تنظرون إلى مساندة المنظمات الإنسانية القطرية والدعم القطري لمساعدة تركيا في استضافتها اللاجئين؟
- أكبر دعم لملف اللاجئين السوريين يأتي من دولة قطر من خلال الجمعيات الخيرية، ومنها «الهلال الأحمر» و«عيد» و«راف» و»قطر الخيرية» التي لها مكاتب في وسط أنقرة. ونتعاون مع هذه الجمعيات بما يدعم اللاجئين السوريين ويُلبّي حاجاتهم.

كيف تابعتم زيارة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر لمناطق اللاجئين ومشاركة سموها في أعمال القمة العالمية للعمل الإنساني؟
- مشاركة سموّها تعكس الدور المحوري الذي تلعبه قطر في مجال العون الإنساني وتقديم المساعدة للمحتاجين في مناطق النزاعات والكوارث الطبيعية خاصة في مجال التعليم. إنّ دولة قطر وجمهورية تركيا متفقتان على كلّ النقاط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ونأمل أن يستثمر الجانبان هذه الرؤى المشتركة بطريقةٍ إيجابيةٍ تأتي بحلول لمشاكلنا ومشاكل المنطقة ككُل.

وكيف تنظرون إلى زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تركيا ودعمها للاجئين؟
- حقيقةً، تحاول ألمانيا أنْ تسخّر الإمكانيات المتاحة لمساعدة اللاجئين السوريين، وتستقبلهم بحذر ووفق شروط معينة بسبب مخاوف من فقدان السيطرة على أزمة اللاجئين.
copy short url   نسخ
30/05/2016
1923