+ A
A -


تقدمت العلوم تقدما مذهلا في كل المجالات، وحقق العلماء إنجازات أقرب إلى المعجزات ولكنهم لم يصلوا إلى تفسير لغز الحياة وفهم اللحظة التي تدب فيها الحياة في جسم لا حياة فيه، وعلماء الحياة (البيولوجي) يعتبرون جسم الكائن الحي – إنسانا أو حيوانا أو طائرا- هو بالنسبة لهم جهاز معقد بدرجة مذهلة، وكل ما عرفوه حتى الآن هو أن هذا الجسم يستهلك نفسه باستمرار منذ اللحظة التي تدب فيه الحياة، وفي نفس الوقت فإن فيه قدرة عظيمة على أن يرمم التآكل الذي يحدث في خلاياه.
ففي كل ثانية من حياة الإنسان – مثلا- يستهلك جسمه ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين خلية دموية، أي أنه يستهلك من تلك الخلايا في الساعة الواحدة عددا يفوق عدد سكان العالم خمس مرات على الأقل، وما يتم استهلاكه من الدم يذهب إلى الطحال ليهدمه لكى يتخلص الجسم منه بينما تعمل مولدات لإنتاج كرات الدم الجديدة في النخاع وتدفع إلى الدم أعدادا هائلة من هذه الخلايا لتعويض وتجديد ما فقده الجسم، وكل هذه العملية العجيبة تتم داخل جسم الإنسان – وغيره من الكائنات الحية- دون أن يدرى أو يشعر بها.
ونحن نأكل باستمرار، ولو دخل كل ما نأكله في بناء أجسامنا لأصبحت أجسامنا من الضخامة التي تفوق عمالقة الأساطير، ولكن حكمة الله شاءت أن يهدم الجسم بعض الجزيئات البروتينية في الجسم هدما بطيئا ومستمرا بدون توقف بحيث تستمر عملية الهدم مع استمرار عملية البناء والتجديد وتخرج الجزيئات البروتينية التي هدمها الجسم من الكليتين مع البول بعد تحويلها إلى مركبات بسيطة. ويعوض الجسم ما فقده من البروتينات في الطعام بعد أن تكون قد تحللت في الأمعاء وصارت إلى أحماض أمينية بسيطة تدخل في عمليات كثيرة مثل بناء العضلات والأنسجة.
ومعجزة الخالق تتجلى في كل جزء من أجزاء الإنسان- وغيره من الكائنات الحية- وفي كل وظيفة من وظائفه حتى الخلية الجنسية البالغة الصغر ولا تراها العين المجردة فهي معجزة بالغة فيها كل الصفات الوراثية التي سيكون عليها الإنسان- والكائنات الأخرى- إذا حدث التلقيح والحمل، في هذه الخلية غير المنظورة يتحدد طول الإنسان الذي سيولد منها، ولون شعره وعينيه وبشرته، وهل هو ذكر أو أنثى، وبصمات أصابعه، وشكل أسنانه، وأنفه، وعظامه، وتتحدد أيضا الأمراض الوراثية التي سيصاب بها وفي أي مرحلة من مراحل عمره..كل خلية من هذه الخلايا فيها خريطة وراثية كاملة للمخلوق الجديد المحتمل.
هذه حقائق تصيب الإنسان بالذهول وتدفع العاقل إلى السجود للخالق الذي أحسن كل شيء خلقه، ويبقى الجانب الذي عجز العلماء عن تفسيره وهو الكيفية التي تدب فيها الروح إلى الجسم الذي يتكون بالمادة ويتوقف أمر دبيب الحياة فيه على أمر ربه سبحانه ولا تفسير إلا «قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلى قليلا».
copy short url   نسخ
25/02/2017
9061