+ A
A -
سعيد حبيب

جاء إعلان مصرف قطر المركزي مساء الأربعاء الماضي عن تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير مفاجئا، حيث خالف «المركزي» اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) والذي قام برفع أسعار الفائدة وهو ما يؤشر إلى أن «المركزي القطري» يتبع استراتيجية نقدية مستقلة رغم ارتباط الريال القطري بالدولار الأميركي .

ويتابع مصرف قطر المركزي بشكل مستمر تطورات الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ومستجدات المؤشرات النقدية والمصرفية المحلية ويتخذ قرارات الفائدة بناء على دراسة دقيقة تضع في الاعتبار البيانات والمعلومات النقدية والمصرفية والاقتصادية وعلى رأسها: معدلات التضخم ومؤشرات السيولة ومستويات الائتمان والودائع المصرفية والأداء الاقتصادي بشكل عام فضلا عن سعر الفائدة الحالي.

وكانت آخر زيادة في أسعار الفائدة قد أقرها مصرف قطر المركزي في ديسمبر 2022 حيث قام برفع سعر فائدة المصرف للإيداع (QCBDR) بمقدار 50 نقطة أساس ليصبح 5 % ورفع سعر فائدة المصرف للإقراض (QCBLR) بمقدار 50 نقطة أساس ليصبح 5.5 % ورفع سعر إعادة الشراء (QCB Repo Rate) بمقدار 50 نقطة أساس ليصبح 5.25 %.

وقام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يوم الأربعاء الماضي برفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية 25 نقطة أساس لتصل إلى نطاق بين 4.5 % و 4.75 %، موافقا بذلك توقعات السوق علما بأن الفيدرالي الأميركي قام برفع سعر الفائدة 7 مرات في 2022، في اجتماعات خلال أشهر مارس ومايو ويونيو ويوليو، وسبتمبر، ونوفمبر وديسمبر.

ووفقا للتقديرات فإن إبقاء مصرف قطر المركزي للفائدة دون تغيير يعكس بشكل رئيسي اطمئنانه لمعدلات التضخم الحالية التي تقع ضمن مستويات «تحت السيطرة» حيث يمثل رفع سعر الفائدة أبرز الأدوات النقدية لمكافحة ارتفاع معدلات التضخم، وقد سجل التضخم في قطر في عام 2017 مستوى 0.4 % لينخفض في عام 2018 رغم تداعيات الحصار إلى مستوى 0.3 %، ودخل التضخم في قطر في نطاق السالب ليسجل انكماشا بواقع 0.7 % في عام 2019، ثم واصل انكماشه مسجلا 2.7 % في عام 2020، غير أنه ارتفع إلى متوسط 2.5 % في عام 2021 وتكشف تقديرات وزارة المالية عن انخفاضه إلى مستوى يبلغ 3.3 % في عام 2023 مقارنة مع 4.5 % في عام 2022.

ويبدو أن مصرف قطر المركزي يرى أن معدل الفائدة على القروض البالغ 5.5% مناسب وبالتالي تجنب زيادتها حيث إن أي زيادة في أسعار الفائدة على القروض فوق هذا المستوى سيضيف أعباء جديدة على رواد الأعمال والمستثمرين مما قد يعرقل النمو الاقتصادي وبيئة الأعمال ومناخ الاستثمار كما سيؤدي إلى تباطؤ معدلات منح الائتمان.

وكذلك فإن تثبيت سعر الفائدة على الودائع المصرفية عند مستوى 5 % يكبح حركة تسرب السيولة من البورصة والعقارات إلى الودائع المصرفية التي تتمتع بمخاطر صفرية ففي ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي يفضل بعض المستثمرين الاحتفاظ بالسيولة على هيئة ودائع مصرفية بمخاطر منعدمة بدلا من الانكشاف على مخاطر تقلبات العقارات أو الأوراق المالية وهو ما قد يؤدي إلى انتقال سيولة من قطاعي البورصة والعقارات إلى الودائع.

وبالتالي فإن قيام مصرف قطر المركزي بتثبيت الفائدة على الودائع يستهدف المحافظة على معدل استقرار الجاذبية الاستثمارية لكل من البورصة والعقارات وهما أبرز القنوات الاستثمارية في قطر لذلك قرر المركزي تثبيت الفائدة. .ووفقا لوزارة المالية فإن توقعات نمو الاقتصاد القطري تبلغ 3.4 % في عام 2022 (بدعم من مونديال 2022 ) على أن ينخفض النمو إلى مستوى يبلغ 2.4 % في عام 2023 وصولا إلى مستوى يبلغ 1.7 % في عام 2024 ثم يعاود الارتفاع مجددا إلى مستوى 2.8 % في عام 2025 ثم 2.7 % في عام 2026 و3.8 % بحلول عام 2027 حيث ستحدث القفزة في النمو الاقتصادي استنادا إلى بدء إنتاج مشروع حقل الشمال وهو أكبر مشروع قيد الإنشاء في العالم ويتكون مشروع توسعة حقل الشمال من مرحلتين «حتى الآن» الأولى (حقل الشمال الشرقي) وتستهدف زيادة دولة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويا إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول عام 2026، كما سينتج المشروع كميات كبيرة من المكثفات، وغاز البترول المسال، والإيثان، والكبريت، والهيليوم ليصل إجمالي الإنتاج 1.4 مليون برميل نفط مكافئ يوميا. أما المرحلة الثانية فتشمل زيادة إنتاج الغاز من القطاع الجنوبي لحقل الشمال والتي سوف ترفع الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في دولة قطر من 110 ملايين طن سنويا إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027.

copy short url   نسخ
04/02/2023
100