+ A
A -
جريدة الوطن

نتحدث اليوم عن النعم العظيمة في حياتنا قال تعالى «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» فانظر حولك أيها الإنسان تجد نعمًا لا تعد ولا تحصى، ولكن الإنسان دائمًا يحتاج لمن يذكره بهذه النعم، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «اللهم، لك الحمد غير مكفي ولا مودع، ولا مستغنى عنه ربنا» وقال الشافعي - رحمه الله -: الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه، إلا بنعمة توجب على مؤدي ماضي نعمه بأدائها نعمة حادثة توجب عليه شكره بها.

والآن نذكر بعض الأمثلة على مر العصور من أباطرة العالم فمثلًا فرعون أقصى ما استطاع فعله أن يقتنيه من وسائل النقل كان عربة كارو يجرها حصان، وأنت عندك عربة خاصة، وتستطيع أن تركب قطارًا، وتحجز مقعدًا في طائرة! وإمبراطور فارس كان يضيء قصره بالشموع وقناديل الزيت.. وأنت تضيء بيتك بالكهرباء! وقيصر الرومان كان يشرب من السقا.. ويحمل إليه الماء في القرب، وأنت تشرب المياه مرشحة من حنفيات ويجري إليك الماء في أنابيب! وهارون الرشيد كانت عنده فرقة موسيقية تعزف له في أوقات لهوه وفراغه، وأنت عندك مفاتيح الراديو توصلك إلى آلاف الفرق الموسيقية، وتحمل إلى أذنك المبهج والمطرب والممتع من كل صوت وكل فن! والإمبراطور غليوم كان عنده أراجوز.. وأنت عند تليفزيون يسليك بمليون أراجوز، وعندك السينما سكوب والسيزاما! ولويس الرابع عشر كان عنده طباخ يقدم أفخر أصناف المطبخ الفرنسي.. وأنت تحت بيتك مطعم فرنسي، ومطعم صيني، ومطعم ألماني، ومطعم ياباني، ومحل محشي، ومحل كشري، ومسمط، ومصنع مخللات ومعلبات، ومربات وحلويات! وقارون أغنى أغنياء العالم يقول لنا التاريخ إن كل ثروته لم تكن تزيد على مائتين من الجنيهات بالعملة النحاسية.. وهو مبلغ تستطيع أن تكسبه الآن في شهر. وجواري الخليفة تجدهن الآن معروضات في بيجال بباريس بعشرة فرنكات للواحدة.. شقر وسمر وسود وبيض من كل لون أوكازيون.. ومراوح ريش النعام التي كان يروح بها العبيد على وجه الخليفة في قيظ الصيف ولهيب آب، عندك الآن مكانها مكيفات هواء تحول بيتك إلى جنة بلمسة سحرية لزر كهربائي! أنت إمبراطور وكل هؤلاء الأباطرة جرابيع وهلافيت بالنسبة لك. ولكن يبدو أننا أباطرة أغنياء جدًا؛ ولهذا فنحن تعساء جدًا برغم من النعم التي نمرح فيها، فمن عنده عربة لا يستمتع بها، وإنما ينظر في حسد لمن عنده عربتان.. ومن عنده عربتان يبكي على حاله، لأن جاره يمتلك طائرة.. ومن عنده طائرة يكاد يموت من الحقد والغيرة لأن أوناسيس عنده مطار.. وفي النهاية لقد أصبحنا أباطرة ولكن لا نشكر الله.

copy short url   نسخ
28/01/2023
120