+ A
A -
مصطفى البرغوثي كاتب فلسطيني

تعيش فلسطين منذ عام 2015 ما يشبه حالة انتفاضة من نوع جديد، تجري على موجات، شهدنا نماذج لها عام 2017 في هبة القدس التي كسرت إرادة نتانياهو، وأجبرته على إزالة البوابات الإلكترونية من مداخل المسجد الأقصى، وفي معركة القدس عام 2021، وأخيراً في انتشار بؤر المقاومة، وخاصة في جنين ونابلس ومناطق أخرى.

ويؤدي دخول (أو اجتياح) الجيش الإسرائيلي أي مدينة أومخيم أو قرية إلى مواجهة شعبية فورية معه.

ويجري ذلك كله بالاستناد إلى تعمق القناعة الشعبية الفلسطينية بفشل ما تسمى «بعملية السلام»، وبأن حكام إسرائيل وجيشها لا يفهمون إلا لغة القوة، وبعدم جدوى انتظار المساعدة من الخارج، وبالتالي ضرورة الاعتماد على النفس.

ومع أن بنيامين نتانياهو لم يحكم إسرائيل بشكل متواصل منذ عام 1996، إلا أن الرؤية والنهج اللذين فرضهما منذ ذلك الحين حكما السلوك الفعلي للمؤسسة الإسرائيلية، باستثناء فترة قصيرة جداً في عهد إيهود باراك، استخدمت في الواقع لتبرير رؤية ونهج اليمين العنصري المتطرف الذي يمثله نتانياهو، بالادعاء أن الفلسطينيين هم من يرفض السلام.

ولعل أكثر الأمور السياسية سخافة الادعاءات الدبلوماسية الأميركية بأن نتانياهو يمكن أن يلجم بن غفير وسموتريتش وغيرهما من الفاشيين، ويمثل ذلك تجاهلاً كاملاً لحقيقة أن بقاء نتانياهو في الحكم، وإنقاذه نفسه من محكمة الفساد، يعتمدان على تحالفه مع أولئك الفاشيين.

تعلن الحكومة العنصرية الإسرائيلية الحالية وتنفذ سياسات يمكن أن تؤدي إلى انفجار الوضع في فلسطين وانطلاق انتفاضة شاملة وعارمة، ستؤثر تداعياتها على المنطقة بأسرها.

وأول المخاطر يكمن في نوايا الحكومة الإسرائيلية تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ومحاولة فرض مكان صلوات تلمودية فيه، وتقسيم زماني ومكاني له. ولا أظن أن أحداً نسي ما أدى إليه اقتحام شارون للمسجد الأقصى من انفجار للانتفاضة الثانية.

الأمر الثاني الذي من شأنه تفجير الوضع برمته، البدء بتنفيذ عمليات الضم والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين وخاصة في المناطق المهددة في ما سمي جوراً وبهتاناً «مناطق ج» حسب اتفاق أوسلو.

الأمر الثالث، مواصلة الاحتلال تصعيد عمليات القتل والتنكيل ضد الفلسطينيين وشهدنا منذ بداية العام اغتيال ثمانية عشر فلسطينيا أربعة منهم من الأطفال، ومنهم من نفذ به جيش الاحتلال عملية إعدام ميداني على رؤوس الأشهاد، من دون سبب، مما يخلق شعوراً لدى جميع الفلسطينيين بانعدام الأمن والأمان الشخصي.

والأمر الرابع، ما يمكن أن يقدم عليه جهاز الشرطة الإسرائيلية، بقيادة العنصري بن غفير، من تنكيل إضافي بالأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال.

كل واحد من هذه الأمور يمكن أن تشكل سبباً لإنفجار شامل في فلسطين، لن تُردع العنصرية المتطرفة بالكلام والبيانات المنمقة، بل بمقاومتها، وبإجراءات عقابية جادة ضدها، وبغير ذلك فإننا على أعتاب انفجار شامــل.

copy short url   نسخ
28/01/2023
5