+ A
A -
في الثاني من ديسمبر الجاري، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جموع المواطنين إلى المشاركة في دعم الاقتصاد التركي بتحويل مدخراتهم من العملات الصعبة إلى العملة الوطنية (الليرة)، لصد محاولات المتآمرين الذين يحاولون تخريب الاقتصاد التركي عن طريق المضاربة في سوق الأسهم وسوق العملة وأسعار الفائدة، وذلك بعدما فشلوا في الانقلاب الذي وقفوا وراءه في يوليو الماضي. تلك الدعوة التي أطلقها الرئيس التركي خلال خطاب جماهيري ألقاه بمناسبة افتتاح أحد المراكز التجارية بمدينة إسطنبول، استقبلها جموع الأتراك بحفاوة بالغة.
ومنذ ذلك اليوم بدأ المواطنون الأتراك في تحويل مدخراتهم الدولارية تحديدًا إلى العملية التركية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الوسم #BOZDOLAR ظهرت الاستجابة من خلال تدشين وسم لقي تفاعلًا كبيرًا، خاصةً بعد إعلان عدة محال تجارية تقديمها لهدايا عينة وعروض لكل من يقوم بالمشاركة في الحملة الداعمة للاقتصاد التركي.

وبالفعل، نجح المشاركون في تلك الحملة في إحداث تغيير طفيف في سعر العملة التركية، إذ ارتفعت الليرة التركية أمام الدولار الواحد، لتسجل الليرة في الحادي عشر من ديسمبر الحالي3.48 ليرة للدولار، مقارنة بـ3.54 صباح اليوم الذي ألقاه فيه الرئيس أردوغان خطابه.
حملة سورية موازية إيمانًا بـ«المصير الواحد»
ولم يكن المواطنون الأتراك هم الوحيدون الذي لبّوا دعوة الرئيس أردوغان لدعم الاقتصاد الوطني، بل شاركهم أيضًا السوريون الذين يعيشون في تركيا ويشعرون فيها بأنهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه البلد الذي استضاف قرابة الثلاثة ملايين مواطن سوري منذ اندلاع الثورة السورية.
«سوريون لدعم الليرة التركية» هو اسم الحملة التي أطلقها مشروع «الجالية الإسطنبولية» اللاربحي في الرابع من ديسمبر الماضي، لمشاركة أقرانهم الأتراك في دعم اقتصاد بلدهم بتحويل المخدرات الدولارية إلى العملة التركية، لإيمان السوريين في تركيا بأنهم جزء من هذا الشعب، ولهم مصير مشترك.
صهيب محمد، أحد المسؤولين عن مشروع «الجالية الإسطنبولية» التي تقدم خدماتها للسوريين في تركيا من خلال 6 مكاتب، يقول للـ الوطن: إن الهدف الأساسي من الحملة هو الاستجابة لنداء الرئيس أردوغان ومساندة الشعب التركي الذي استضاف السوريين، وإن حملتهم يمكن وصفها بالـ«حملة المعنوية أكثر من كونها حملة مادية» كتلك التظاهرات التي يحرص الأتراك على تنظيمها لنصرة المدن السورية معنويًا وتحديدًا «حلب».
وفقًا لبنود الحملة، من حق كل سوري تحويل المبلغ الذي يرغب فيه من العملة الصعبة إلى الليرة التركية، لكن يظل شرط دخول المساهم في مسابقة تتيح له الحصول على هدايا عينية أو مكافآت نقدية تشجيعية هو تحويل مبلغ لا يقل عن 500 دولار إلى العملة التركية.
ويضيف «صهيب»: «لدينا بالفعل مشاركات فردية من عدة جنسيات أخرى في تركيا، منها مصر والسعودية والأردن وفلسطين، لكن فيما يخص المواطن السوري المقيم في تركيا، فهذه الحملة الموجهة له لا تؤثر على ادخار السوريين للأموال أو نفقاتهم، لأن السوري صار مستقراً في تركيا يبني فيها أعماله، فلا حاجة له بالدولار أو لادخار المال تحت الوسادة».
وعلى الرغم من أن الحملة لم تكمل يومها العاشر، إلا أن 300 شخص قد شاركوا بالفعل بمبالغ تزيد على 500 دولار، وأرسلوا إيصالات تثبت هذه التحويلات إلى صفحة مشروع «الجالية الإسطنبولية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
مؤسس الحملة: لا نتدخل في الشأن التركي
ويستكمل «صهيب» حديثه للـ الوطن: «من خلال هذه الحملات نريد أن نقطع الطريق على من يود الإساءة لسمعتنا وإفساد علاقة الإخوة التاريخية والجغرافية بيننا وبين الأتراك، ولنؤكد أنه على الرغم من المحنة التاريخية التي يمر بها السوريون هم يهتمون بعلاقتهم مع الشعوب المحيطة وخاصة تركيا التي تحتضن 3 ملايين سوري».
وفي سؤال للـ الوطن عن موقف الجانب التركي من تلك الحملة السورية الموازية للحملات الوطنية التي أطلقها الشعب التركي بعد خطاب أردوغان، أفاد مؤسسة حملة «سوريون لدعم الليرة التركية» بأن مؤسسي الحملة لم يتواصلوا بشكل رسمي مع المسؤولين الأتراك، ولكنه في المقابل أكد أن ردود الفعل غير الرسمية إيجابية لدى بعض صناع القرار الأتراك.
واستطرد قائلًا: «الأتراك يقدّرون جهودنا وقدّروا سابقاً مشاركة السوريين في دعم الديمقراطية ونزولهم للشارع، كما يعلمون أننا لا نتدخل في الشأن التركي، وأننا فقط نعبّر عن شكرنا للبلد حكومة وشعباً، ونرسل دائمًا رسالة مفادها أننا معكم نحمل الهموم والتطلّعات نفسها نحو الحرية والاستقرار».
copy short url   نسخ
16/12/2016
3933