لو أن الأمر حدث دون سابق إعلام لأمكن اعتبار أن الأمر يتعلق بجريمة عنصرية تعكس قناعات اليمين المتطرف في أوروبا بأن المجاهرة بالعداء للعرب والمسلمين كفيلة بمنحهم الشعبية الانتخابية التي يسعون إليها للوصول إلى السلطة.. إلا أن الحقيقة أن ما حدث في العاصمة السويدية ستوكهولم لم يكن سابقة وكان معلنا لدى السلطات الرسمية التي تلقت إشعارا من المتطرف السويدي الدانماركي راسموس بالدون زعيم حزب الخط المتشدد مع جماعة موالية له بإحراق نسخة من القرآن الكريم أمام مقر السفارة التركية على أنه خطوة احتجاجية على موقف تركيا الرافض لانضمام السويد للحلف الأطلسي. بما يعكس إصرارا على تنفيذ هذه الخطوة التي لا تعكس موقفا سياسيا إزاء تركيا فحسب ولكنها تعكس وجود حقد دفين وكراهية معلنة للإسلام والمسلمين لدى أحزاب اليمين الذي ما انفك يتمدد في أوروبا ومن شأنها أن تجعلنا نستعيد ما كان الصحفي الأميركي توماس فريدمان أطلقه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عندما كتب مقاله الشهير تحت عنوان «لماذا يكرهوننا» ووضع بذلك كل المسلمين في سلة واحدة.. ونحن بدورنا نتساءل لماذا كل هذا الكره والحقد للإسلام والمسلمين؟
لا شيء يمكن ان يبرر أو يدفع إلى حرق المصحف الكريم أو أي كتاب مقدس واستفزاز مشاعر المسلمين أو المسيحيين أو غيرهما من الاديان بالنظر إلى انها أولا خطوة لا اخلاقية تنم عن احتقار واستهانة واستفزاز لأتباع ذلك الدين ويمكن ان تتطور إلى ابعد من ذلك.. ولعل في حادثة الرسوم الكاريكاتورية وما اثارته من غضب شعبي ومن انسياق إلى العنف ما يفترض البحث عن دوافع واسباب مثل هذه الاعتداءات المتكررة في حق الاسلام والمسلمين والتي لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تتنزل في إطار الدفاع عن حرية الرأي والتعبير… ولاشك انه عندما تتكرر الجريمة ذاتها فان الأهداف لا يمكن ان تكون خافية على مراقب.. نحن اليوم إزاء السيناريو ذاته الذي يتكرر مجددا، حيث تعمد مجموعة من اليمين المتطرف في السويد إلى إحراق المصحف في استفزاز واضح لاكثر من مليار ونصف من المسلمين في العالم … صحيح ان السويد حاولت تطويق الحريق بعد ان استشعرت التداعيات الخطيرة المحتملة لهذه الجريمة مع تواتر بيانات التنديد والرفض من مختلف العواصم الاسلامية وصحيح ان المسؤولين في هذا البلد أبدوا تعاطفا مع المسلمين، وقد اعتبر رئيس الوزراء أولف كريسترسون في تغريدة له أن «حرية التعبير هي جزء أساسي من الديمقراطية. لكن ما هوقانونيّ ليس بالضرورة أن يكون مناسبًا»…