+ A
A -

لكل أزمة أو مشكلة أسبابها الداخلية، ولها كذلك حلولها الداخلية. هذا المبدأ ينطبق تقريبا على أغلب المشاكل والأزمات الفردية والجماعية على حدّ سواء حيث يعتبر بعضهم أن المشكل والحل يقعان في الخارج أي خارج نطاق الأزمة في حين يرى آخرون أنّ أسباب الأزمة والمخرج منها واقعان في الداخل لا في الخارج.

لنأخذ نموذجا فرديا لتقريب الفكرة: قد يعتبر الفاشل أو العاطل عن العمل أن سبب ما هو فيه من فشل وبطالة إنما سببه الآخرون أو الدولة أو المجتمع أو العائلة، وهو تعليل يهدف من وراءه إلى إلقاء اللوم على الآخرين والهروب من المسؤولية. هو تعليل لا يحل المشكلة ولا يتجاوز الأزمة بل يزيد من تعميقها ويضاعف حدتها. كذا الأمر بالنسبة إلى المجتمعات أو الدول حيث يتجه كثير من النخب إلى إلقاء اللوم على الخارج الصهيوني أو الاستعماري أو الامبريالي أو الماسوني... في تفسير تخلف الدول العربية وانهيارها، هذا التوجه لا يحل المشكلة ولا يقدم بالشعوب والمجتمعات بل يبقيها حبيسة التخلف والانحطاط.

بناء على ما تقدم يكون تحصين الجبهة الداخلية لكل دولة أو فرد أو جماعة هو السبيل الوحيد لمنع الخارج من التحكم في الداخل ولمنع الداخل من التفكك والسقوط. لكن يبقى هذا المسار مسارا باهظ التكاليف؛ لأنه يحتاج تضحيات جسام ويحتاج إلى قيادة من طراز خاص ونخبا وطنية تعلم معنى التضحية ومعنى الإيثار ومعنى إنكار الذات.

الحالة العربية العامة هي أكثر الحالات حاجة إلى هذا المنوال التصحيحي القادر على إخراج المنطقة وشعوبها من حالة التآكل والتقاتل ومن حالة الغموض التي تسيطر على مصيرها محليا وإقليميا، لكن بحكم كثافة الترسبات التاريخية وانعدام كل أمل في إصلاح شامل قادر على إخراج المنطقة من حالة الغموض دفعة واحدة يمكن التحليل سواء على قاعدة الإقليم أو على قاعدة الدولة الواحدة.

copy short url   نسخ
19/01/2023
45