+ A
A -
ظل السؤال يأكل مخها- وهي بين الحياة والموت- هل يمكن لأب- أي أب- أن يقتل ابنته، وهو في تمام وعيه، وكامل إرادته؟
لا، لا يا حليمة.. لا يمكن. لا. لكن لا وعي القبيلة أقوى، وإرادتها فوق إرادة أي فرد: أب أو أم أو أخ أو أخت، أو قريب.. قريب يا حليمة!.
- افعل يا أبي.. افعل، لترفع رأسك. هذه أفغانستان الجبال، والعواطف التي لا يمكن أن تجيش، إطلاقا... هذه أفغانستان الثأرات، والتاريخ الذي يدور حول نفسه، والشاحنات الدميمة المنهكة المحشوة، بالمقاتلين المعفرين، المتعبين كل أيام السنة.. هذه أفغانستان الشرف، الذي هو دائما محل الشك اللامعقول، والدم والموت، والناس الفريجة!
- افعل يا أبي.. افعل.. إنني أريد لرأسك أن يظل مرفوعا.. أريد لعينيك أن تغرسهما أنت في عيني أي من هؤلاء الرجال المحتشدين، ليروا امرأة راكعة، والرصاص يعوي في أي بوصة في جسدها!
- ارفع رأسك يا أبي مرتين.. مرة لأنني لم أوسخ لك شرفا.. ومرة لأنك غسلت شرفا قالوا لك إنني وسخته، ولا من شاهد.. لا من شاهد واحد، ناهيك عن أربعة عدول!
- افعل، يا أبي.. افعل..اف....
هو، لا يدري ما إذا كان إصبعه هو الذي ضغط، أم ضغطت كل أصابع القبيلة؟ كل ما يدريه أنه لم يكن ليدري ما إذا كان قد ترحم- قبل أن يضغط- على حليمة ابنته، أم ترحم على نفسه؟. كل ما يدريه أن فمه ارتعش «لكنه الشرف يا حليمة.. لكنه الشرف يا حليمة»!
طاخ.. طاخ.. ططاخ.
و.. لولا أن الأب، لا يريد أن يصير مضحكة، لكانت قد خانته رجلاه، اللتان حاول ما استطاع ان يثبتهما بالأرض-. و... ارتمى.
هرول الأخ، ليتأكد أن الرصاص الذي عوى، قد أنشب أنيابه، تماما، في الروح. رأى الدم، ومن بين ظلمة الشادور، كانت الروح قد فرت تماما من الجسد.. انكفأ المسكين، على أخته يبكي، ويبكي، ورجال القبيلة تكبير!
آه يا حليمة، من الشك.. الشك اللامعقول..
آه حين تجتمع القبيلة كلها على القتل، وليس فيها من أحد ليستطيع أن يقسم أن المرواد، كان في المكحلة!
آآآه أيها الشرف، ما أكثر الدماء التي سيلوها باسمك.. الدماء التي لا تملك إلا أن تصرخ في البرية!
آآآآه يا حليمة.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
27/01/2017
1009