+ A
A -
في زحمة الأحداث الدولية يتجاوز الناس خطابات ومؤتمرات ولقاءات هامة يكون لها تأثيرها في غمار الأحداث التي تجرف منطقتنا العربية دون أن ننتبه لها ، ومن بين الخطابات التي لم تأخذ حقها في التغطية والمتابعة الخطاب الذي ألقته رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي في منتصف ديسمبر الماضي أمام منتدى «أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين» والذي يضم تقريبا معظم أعضاء الحزب حيث أقيم المنتدى هذا العام تحت شعار «100 عام على وعد بلفور» وعد الشؤم الذي دعمت فيه بريطانيا قيام دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين وظلت الداعم الأساسي لجرائم إسرائيل ضد شعب فلسطين والشعوب العربية طوال المائة عام الماضية.
وبدلا من أن تعلن بريطانيا ندمها على تلك الجريمة التاريخيه إذا برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تقدم وعدا جديدا من خلال دعمها المطلق لإسرائيل ومن ثم جرائمها التي ترتكبها ضد العرب.
وجاء هذا الدعم بعدما حظيت ماي باستقبال من زعماء دول مجلس التعاون خلال قمتهم، وقالت ماي «إنها تتعهد بإصدار قرار حكومي جديد يوسع مفهوم معاداة السامية من مفهوم يعاقب كل من يقصد اليهود واليهودية إلي كل ما يمس إسرائيل، وهنا تعلن ماي دعم بريطانيا المطلق لكل جرائم إسرائيل بشكل واضح، بل وتعتبر وعد بلفور « أهم الوثائق في التاريخ لأنه يدل على الدور البريطاني الإيجابي والهام في إقامة وطن قومي للشعب اليهودي»، وقالت تيريزا ماي عن وعد بلفور « إنه الوعد الذي نحتفي به بفخر».
أما حركة بي دي إس العالمية التي تتبنى مقاطعة إسرائيل أكاديميا واقتصاديا وفي كل المجالات باعتبارها دولة عنصرية تمارس الجرائم بحق الشعب الفلسطيني والتي تنشط في بريطانيا بشكل واسع في الجامعات والمحافل المختلفة فقد تعهدت تريزا ماي بمنعها وقالت إن حكومتها «لن تقبل بوجود أي منظمة تقاطع إسرائيل».
وقد جاءت تعهدات ماي بعد النجاحات التي حققتها حركة بي دي إس العالمية لمقاطعة إسرائيل سواء في الجامعات البريطانية أو في دفع بعض الشركات البريطانية إلى إلغاء عقودها وسحب استثماراتها من إسرائيل بعدما ضغطت حركة بي دي إس وطالبت الشركات البريطانية بمقاطعتها وقد كان من المستغرب أن تحتل بريطانيا المرتبة الأولى أوروبيا في مقاطعة إسرائيل شعبيا بينما تحتل المرتبة الأولى أوروبيا في دعم حكومتها لها، وقد دفعت المقاطعة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى أن يتعهد بشن حرب مضادة على حركة بي دي إس لمقاطعة إسرائيل واعتبارها أحد الأخطار الرئيسية التي تهدد أمن إسرائيل تماما مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس.
لقد جاء تعهد تيريزا ماي لإسرائيل في ذكرى وعد بلفور ليكشف الوجه القبيح لبريطانيا وسياستها الداعمة بشكل مطلق لإسرائيل، وهذا ما يعني أن بريطانيا شريك في كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل منذ قيامها وحتى إشعار آخر.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
25/01/2017
54767