+ A
A -
قال تعالى (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) سورة آل عمران الآية  185، نعيش الدنيا أياماً وليالي قصيرة أو طويلة ولكن في النهاية العمر مهما طال فإنه لن يستمر،  ومهما جمعنا من مال ومن عقارات ومن زينة فإن الدنيا زائلة، لا تدوم  ـ ودوام الحال من المحال ـ  لا لغني ولا لفقير فالكل مسافر! إن فقدت الصحة فقدت معها كل شيء من متع الحياة! ننشغل بالدنيا حتى تصير كل همنا! ومبلغ علمنا! نعشقها بعنف! نعمل لخيرها! وننسى ما سواها! نطلب المال بعنف! وربما نتقاتل من أجله! ونتخاصم من أجله! وربما يقاطع بعضنا بعضاً من أجله! وربما نفجر من أجله! وننسى أنه زينة الحياة الدنيا  كأي زينة!  إن طلب المال يمتص الأوقات وربما يهمل الإنسان من أجله  نفسه وبيته وعياله وأهله وصحبه وبعد أن يكبر ويشيخ ويعجز وتقعده الأمراض والأسقام بأنواعها ويلازم السرير يكتشف متأخراً أنه قد أخطأ! وورّث المال وتركه إلى ذرية لا ترقب فيه إلاً ولا ذمة! نتسابق من أجل المال كما قال أحدهم (اللهم أعطني مالاً وخذ صحتي) وفعلاً رزق بالمال الوفير وهجر الحصير ونام على فراش الوزير ولكن بدون صحة!!! نتقاتل من أجل الوظيفة! من أجل المنصب! ونكيد لبعضنا البعض! انغمسنا في شؤوننا الحياتية وطلب المال وجمعه بطريق مشروع وغير مشروع! ثم نترك كل ذلك لذرية أو غير ذرية لا تخاف الله فينا! ونكون وقتها أتعس الناس لا صحة، لا مال ، لا رعاية،  لا بر،  وتجتمع الللاءات كلها!  ونتمنى الموت والموت بيد الله! هناك من يضيع وقته مع السوشال ميديا صباح مساء ! يتابع التافه الآني! وينشغل بالخسيس الفاني! ينغمس في الدنيا من أخمص القدم إلى قمة الرأس، وينسى  لذة القلب بالطاعات والتواصل مع الأحباب! نعمل لغيرنا ونجمع لغيرنا ونكد لغيرنا وغيرنا ربما لا يشفق علينا إن عجزنا أو كبرنا أو لازمنا الفراش!  كم من عظيم وكبير وثري وصاحب جاه ومنصب ومركز طاح على فراشه في غرفة نومه داخل قصره وامتلأ جسمه بوخز الإبر وعجز فمه عن بلع الحبوب وحرم من الطعام واكتفى بالمغذي عن طريق الأنابيب وحرم الحنان والعطف والرعاية والمداراة من أقرب الناس إليه وقال في نفسه (وا أسفاه) على ما فرطت!!! إذا داهمتك الأمراض تنسى معها متع الحياة ـ اسأل مجرب ولا تسأل طبيب ـ في هذا الأمر، إن الصحة تأتي بالمال، وأما المال فلا يأتي بالصحة!
إذاً التوازن مطلوب في كل الأمور الحياتية لأن الدنيا مطية الآخرة، لا تجعل ثقلك في الدنيا فقط! اعمل لآخرتك أيضاً، واحذر التسويف! وكن مع الله يكن الله معك، اللهم أطل أعمارنا وأحسن أعمالنا وبيض وجوهنا واستر عيوبنا وأدم علينا الصحة والعافية وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا وارزقنا من فضلك العظيم، ورحم الله قارئاً قال آمين. 
وعلى الخير والمحبة نلتقي  

بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
15/01/2017
1303