+ A
A -

خلال وجودي في الكويت لم أقطع زيارة البصرة بين فترة وأخرى، وكانت تشهد تطورا بين سنة عن الأخرى، وكان صدام حسين يطلق عليها مدينة المدن. لكن هذه المدينة العربية حاضرة العلوم والشعر والأدب، مدرسة البصريين، وأبو الحسن البصري، وسيبويه، أبو النحو، والخليل بن أحمد الفراهيدي، أبو العروض، وأبو الأسود الدؤلي، حافظ القرآن من اللحن بوضع حركات الإعراب.. هذه المدينة كتب عليها الشقاء، إما غيرة أو حقدا أو سوء حظ فبات خرابها يتتالى.. ونحزن نحن من كان يردد مع الكويتيين العائدين من البصرة «عمار يا البصرة ماؤك حلو وبقلك ع السٍيف» البقل هو نبات «الكرات» والسيف هو شط النهر أو البحر.. لقد شهدناها وهي تتحمل عبء عشر سنوات من الحرب العراقية - الايرانية.. وكانت كتلة نار.. وكانت أولى المدن التي اغتصبتها القوات الأميركية بعد تحرير الكويت وأولى المدن التي نهبت بعد سقوط صدام وعلى مدى التاريخ منذ حصارها الأول وإصابتها بالطاعون.

مدينة المدن كان يريدها عشاق العراق... لقد سرنا تلك الروح العراقية في حفل افتتاح خليجي 25 وسرتنا هذه العودة لهذه المدينة التي وصفتها رشا البرغوثي بأنها ستكون فينيسيا الخليج إذا يسر الله لها الحكم الرشيد، ففيها كل مقومات الازدهار والتطور بترول هو ملك الشعب وليس ملك مليشيات، وغاز يحرق، الشعب أولى بثمنه.... كم هو جميل برغم قهر الظروف ترى وجوههم ضاحكة متفائلة يسعون لحياة أفضل يعملون في كل شيءٍ لا يستسلمون، كرماء كل من يراك يقول لك تفضل تغدى أو تعشى عندنا (سمج) مسقوف.

نسأل الله أن تكون إقامة كأس الخليج في البصرة بداية توجيه الانتباه لهذه المدينة التي أنجبت لنا العلماء والشعراء والفنانين وشط نعبره للقاء المحبوب..

وعلى العراقيين أن يهبوا للحفاظ على مكتسبات مدينة كانت ذات يوم تحتضن حاضرة الإسلام والمسلمين.

copy short url   نسخ
08/01/2023
70