+ A
A -
اتصل عليّ من قريب صديقنا الأسد التركي الحبيب الجميل عدنان أصلان عن طريق الواتساب الصوتي يدعوني لقضاء عدة أيام في اسطنبول لمشاهدة الثلوج وسمعته يقول ضاحكاً مردداً (تعال تعال تعال تعال) للانبساط والاستمتاع بالثلوج! تركيا غارقة بالثلوج، والثلج يخدر الأعصاب ويدفعك للانقطاع عن التنزه والتجوال، معه تتباطأ الخطوات، وتتلاشى ـ في تقديري الشخصي ـ المتعة من شدة البرد، في اسطنبول في هذه الفترة من السنة ثلج غزير لا ينقطع تفقد معه التركيز وحالة من السكون تفقد معها الحركة! فقط تنشد الفراش والتغطي باللحاف، إن البرد والثلج في تركيا أوغيرها قارس لا يجعلك تفكر ولا تفعل شيء يذكر، إلا الاختباء في الفراش، ربما يكون موسم الثلوج فرصة سانحة لأصحاب التزلج على الجليد وكل يتزلج على طريقته! الرياضيون على الجليد المتجمد والآخرون على فراش دافئ، في اسطنبول والمناطق التركية الأخرى الثلوج من فوقك ومن تحتك وعن يمينك وعن شمالك وفي قلبك، هناك تتنفس جليداً، وأنا أحب الدفء وأنشد الدفء لأننا تعبنا من البرود في المشاعر في العواطف وفي كل شيء! وفي تركيا ـ في هذه الفترة من السنة ـ يذوب الجليد أياماً وما يلبث أن يعود.
نحب اسطنبول وحبنا لها ممكن أن نصفه مجازاً بالإدمان الجميل، لأن صباحاتها ومساءاتها حلوة ممتعة وشائقة، ومقاهيها لقمة وفالة ومادو وغيرها لا تشبه غيرها تحييك وتنعشك، البسفور ميدان (بيشكتاش ) سيركجي منطقة السلطان أحمد أشهر المناطق على المستوى العالمي، ارتاكوي أو (ليفنت ) بليك دوزو تطربك تفرحك تشعرك بالاكتفاء والارتواء بأجوائها وشعائرها وناسها وروادها وسياحها.. في اسطنبول عوالم مدهشة وعشق لا ينتهي! هناك تشعر بالفصول كلها وبالفضول كله، اسطنبول أحد أفضل الأماكن السياحية في العالم وفيها أمتع المعالم االترفيهية والتسوق بأنواعه، عشاق التاريخ والتراث والحكايات والبطولات والماضي والحاضر يجدون أنفسهم هناك، إطلالات ولا أروع ولا أجمل.. وحلويات وبقلاوة وكنافة ولا ألذ.. شوارع تختصر الجمال وشارع قطر في اسطنبول في حي صاريير أحد أفخم وأرقى أحياء الشطر الأوروبي أحلاها وأرقاها، جمال اسطنبول وجمال أهلها وزرقة سمائها ومياهها تضفي على أطباقها وكبابها وشايها وسميتها طعماً آخر، الشاي التركي في كل مكان وأينما وجد الشاي التركي وجد الجمال التركي والكلام الجميل، وكلما وجد اللحم التركي وجد عدنان النشمي آكل اللحوم وراحة الحلقوم عند اللزوم، عدنان يريدني أن أذهب إلى اسطنبول في هذا الوقت من السنة حتى يضحك عندما يراني أرتجف وأرتعش من الثلوج كأوراق الشجر أو كعصفور بلله المطر، في تركيا ـ أنا شخصياً ـ أتجمد في البرد وفي الثلوج والجليد، وعدنان الأسد مبسوط بأكل لحم القديد!
أجواءنا في الدوحة هذه الأيام حلوة وجميلة تناسبني أكثر أدفأ من جليد اسطنبول، هنا الأماكن دافئة والقلوب دافئة والمشاعر دافئة والقلوب نابضة تمدك بالحب والاهتمام وفيها القلب يستهام بعيداً عن أمراض البرد والثلج والزكام! وقهقهات عدنان الدائمة وابتسامات راضية الدائمة، وإلى لقاء دمتم سعداء.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
09/01/2017
1144