+ A
A -
يَلَذُ للكثيرين عدم تجاوز القناعات الموروثة سيما لدى تقييمنا لمهن بذاتها، فالفنانون إجمالاً ندرجهم في خانة «الفلاتية» لقبولهم تمثيل مشاهد جريئة، والعجيب أننا نقبل هذه الفئات شريطة نأيهم عن عائلاتنا، من منطلق «حبايب أه، نسايب لا».
فمجتمعاتنا تتقبل أحيانا أن يكون بين أفرادها البذيء، المغتاب، الزاني، الفاسق، الكذاب الأشر، النصاب والمرائي. فهؤلاء يُغَضٌ الطرف عن زلّاَتِهم ويُضرَبون عنهم ليتا، لكن الشنيعة في شرعتهم هي أن يمسك أحدهم بآلة عزف! وقد لمست بنفسي معاناة زميل لي يأتي لمعهد الموسيقى خلسة من وراء أهله. كما لا أنسى شابة كانت تأتي للمعهد وتقسم لأهلها بأنها لن تعزف سوى الأغاني الوطنية لكن أسرتها عذّروها لتستتب من الآفة.
أشهر راقصتين في مصر تحية كاريوكا وفيفي عبده عرفتا بسخائهما البالغ، حتى أن الأولى وجدت على باب بيتها رضيعة فكفلتها حتى ماتت وكانت قد أوصت قبل منيتها السيدة فيفي عبده برعاية الطفلة، فربتها بين بناتها ولا تزال.
وقد نال الفنان سمير صبري نصيب الأسد قدحاً في أخلاقه رغم أن الأخير عُرف عنه المشي في حوائج الناس، ما من مريض الا وتجده لديه، ما من ممثل فقد بريقه إلا ويسجل معه لقاءات لإعادته للأضواء، ما من مُعسِر إلا ويمنحه ولا يقرضه.
الفنانات دلال عبد العزيز، ميرفت أمين، يسرا ورجاء الجداوي هن وجوه معروفة في مستشفيات مصر ودور العزاء يعودون المرضى ويواسون أسر الراحلين.
الفنانان أحمد رمزي وعمر الشريف كانا عنواناَ للرجولة والشهامة.. وتذكر الفنانة نجوى فؤاد أنه حدث أن عنّفها عمر الشريف لانتقادها لأحد أدواره، ثم شعر بالندم فوّسط رمزي للصلح بينهما فوجدت عمر الشريف يعطيها حذاءه ويقول لها: اضربيني، افعلي بي ما تشائين لكن سامحيني، فالأدوية التي أتناولها تفقدني أعصابي، وأخشى أن تفقدني أصدقائي.
الفنانان سمير غانم وعادل امام، قامتان كبيرتان في عالم الكوميديا لكنهما يضعان أسرهما على قمة أولوياتهما وأندهش للإجلال الذي يتحدثان به عن زوجاتهما. والفنان سمير غانم من أشد الأباء الداعمين لأبنائه، حتى أن ابنته قد طالبته بعدم التحدث للإعلام عن حياتها الشخصية، فلم يجد حرجا أن يقول للمذيعة بطريقته المحببة: «بنتي محرجة علي التحدث في أمورها الخاصة».
الفنانون أحمد زكي، رشدي أباظة، فريد الأطرش، عمرو يوسف والفنانات شريهان، اسعاد يونس، شادية وأحلام عرفوا بجودهم الشديد. وقد روت أحلام أنه رغم فقر أسرتها إلا أنه دقّ بابهم في صباح العيد طفلة تطلب صدقة، ولم يكن معها سوى خمسين دينارا، وكانت الفتاة متسخة المظهر فحممتها وهندمتها وأخذت حُليا على شكل تاج وألبستها إياه وقالت لها: أنت اليوم ملكة وأعطتها الخمسين دينارا. وبعد شهرين من الواقعة فتحت لها أبواب الشهرة وأطلق عليها الجمهور لقب «الملكة»، فرأت فيه مكافأة لها على صنيعها مع الطفلة.
إنهم بشر مثلنا يُذنبون ويثيبون، لكن خطاياهم تحت المجهر وخطايانا خلف الأستار.
بقلم : داليا الحديدي
copy short url   نسخ
31/12/2016
4609