+ A
A -
وقعت بيدي قصاصة لورقة قديمة تعود في الأصل إلى كتاب (كليلة ودمنة) ويبدو أنها نزعت من الكتاب نزعاً في زمن من الأزمان بفعل فاعل عندما تمت ترجمة الكتاب من الهندية إلى اللغة الفارسية القديمة لتدفن معها قصة حقيقية جرت على ألسنة الحيوان تروى اليوم بالدم.
تحكي القصة أن أسداً استوطن غابة كانت جنة الله في الأرض، وسكانها من خيرة المخلوقات.. وكان ينظر لهذا الأسد على أنه حامي الحمى لهذه الغابة! وكيف لا وقد أوهم من حوله بأنه ملك الممانعة رغم أنه لم يدخل يوماً في معركة حقيقية وكانت كلها أوهاما فقد كان أسدا من ورق.
حكم الأسد الغابة بيد من نار وحديد مستعيناً بعدد من الذئاب، والضباع تنهش في سكان الغابة.. وهم لا حول لهم ولا قوة ليس لضعف منهم! ولكن لخوف استوطن قلوبهم خشية من زئيره، بعد أن صور لهم هذا الأسد أن حماراً يسكن شمال بلادهم يضمر الشر بهم.
وفي يوم ما هبت رياح التغيير على الغابة واستفاقت الحيوانات على حقيقة هذا الأسد الذي كان يبطش بهم هو وحاشيته من ذوات المخالب.. وقرروا أن يحطموا قيود الخوف المكبلين بها منذ سنين وأن يطالبوا بحقوقهم المشروعة بالعيش بكرامة بعد خديعة دفعوا ثمنها غاليا..
لم يتوقع الأسد في يوم من الأيام أن تخرج حيوانات الغابة على حكمه فقرر أن يحرق الغابة بمن فيها فأرسل الضباع لتنهش من لحومهم أمام أعين الجميع لكي يتعظوا ويخافوا.. إلا أن ذلك لم يزدهم إلا قوة ورفعة وأيقنوا أن الأسد الذي ما انفك يزأر أصبح بلا مخالب خاصة أنه لم يعد هناك شيء ليخسروه بعد أن نهش الكل من لحمهم وانكشف الوجه الحقيقي للأسد الذي لم يكن في يوم ملك المقاومة بل كان مجرد خادم لدى دب في جبل مجاور وأفعى في مستنقع مقارب.
اشتدت ضراوة القتال في الغابة ومعها سال دم الحيوانات بغزارة إلا أن الأسد كان يتلذذ بدمهم المسفوك ولم يكتفِ بذلك بل طلب من الأفعى أن تمده بمدد من الكلاب الوحشية المجاورة لكي تشارك في المذبحة فيما كان الدب يوفر له الحماية ضد أي تحرك من الغابات المجاورة ولسان حالهم يقول: (إن الحياة عزيزة وكلنا مدركون أن الخوف على دمنا وحياتنا أغلى من كل الدم المسال في الشام).
وفي ظل هذا القتل الممنهج قرر سكان الغابة اللجوء إلى حكيم الحيوانات وهو القرد (ميمون) والذي اكتفى بهز رأسه قائلا هذا هو قانون الغاب وليس أمامي سوى إرسال مبعوثي الخاص وأن أستنكر.. ويا ليته لم يفعل فقد طال أمد الأزمة وكل يوم يسقط ضحايا جدد بالآلاف ومازال الأسد يزأر والشعب صامد في وجه الظلم.. ولكن إلى متى؟
حلب شاهد جديد على جرائم الأسد.. وهي ليست الأولى ولا الأخيرة.

بقلم : ماجد الجبارة
copy short url   نسخ
15/12/2016
5062