+ A
A -
كتبت - أسماء الشاديلي

قال الرئيس التنفيذي بالإنابة لبنك قطر للتنمية، السيد عبد الرحمن بن هشام السويدي أن الزراعة لعبت دورا دورا أساسيا في توفير الغذاء وكانت عاملا رئيسيا في التنمية الاقتصادية الشاملة للمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وتاريخيا، كان النشاط الزراعي في قطر مدفوعا بالواردات، وبالتالي فإن تشجيع الإنتاج المحلي ليس مهما فقط لتحقيق أهداف الأمن الغذائي، ولكن أيضا لعزل البلاد ضد ظروف مثل جائحة كورونا.

وأوضح السويدي في كلمته التقديمية لتقرير قطاع الزراعة في قطر الصادر عن بنك قطر للتنمية أن تدابير السياسة والدعم الذي قدمته الدولة أدت إلى نمو قيمة الإنتاج الزراعي في قطر تدريجيا في السنوات القليلة الماضية، من حوالي 505 ملايين ريال قطري في عام 2015 إلى 720.1 مليون ريال قطري في عام 2020 (أحدث بيانات متاحة). وقد نمت قيمة الإنتاج الزراعي بمعدل نمو سنوي مركـب قدره 7.33 % من عام 2015 إلى عام 2020 وكذلك ساهمت المبادرات الحكومية المتعلقة بقطاع الزراعة بدفع هذا القطاع وأدت إلى زيادة كبيرة في عدد المزارع وساهمت في خلق المزيد من فرص العمل في هذا القطاع. وقد أدى هذا التركيز على توطين المرافق الزراعية وتعزيز الإنتاج المحلي في السياسات الحكومية مثل استراتيجية قطر الوطنية للأمن الغذائي 2023 - 2018 إلى زيادة تدريجية في مشاركة القوى العاملة في الأنشطة الزراعية في السنوات القليلة الماضية من 1.23 % في عام 2015 إلى 1.53 % في عام 2019. علاوة على ذلك، نمت الأراضي المزروعة على مدى السنوات الخمس الماضية من 11.805 هكتارات في عام 2015 إلى 13.646 هكتارا في عام 2020.

وبحسب التقرير ذاته فإن قيمة الإنتاج الزراعي في قطر شهدت ارتفاعا لتصل إلى مستوى 720.1 مليون ريال وفقا لبيانات عام 2020 وهي أحدث بيانات متاحة مقارنة مع مستوى بلغ 669.7 مليون ريال في عام 2019 ووفقا لتصنيف كوبن (Köppen) للمناخ، فقد صُنف قطر في خانة BWh (التي تشير إلى مناخ جاف صحراوي وحار)، حيث تشهد قطر هطولًا قليلًا للأمطار ودرجات حرارة عالية في فصل الصيف، ترافقها نسب عالية من الرطوبة وأشعة شمس قوية وجودة تربة رديئة ورياح قوية. وبالتالي، لا تُعد الظروف المناخية فيها مواتية للإنتاج الزراعي. كما وتؤدي محدودية أراضي المحاصيل إلى تفاقم هذه الظروف، وقد أدى هذا العامل الأخير إلى جانب التركيز الجديد على الاكتفاء الذاتي بدولة قطر إلى اعتماد تقنيات زراعية حديثة ومنها الزراعة في البيوت المحمية.

من جهة أخرى، يتحلى مواطنو قطر بقدرة شرائية عالية، وبحسب مسح دخل وإنفاق الأسرة الأخير للعامين 2012 و2013، بلغ متوسط حجم الأسرة في قطر 5.49 أفراد. كنسبة من الدخل، فيما يبلغ متوسط إنفاق الأسرة في قطر على الغذاء ما يقارب 9.9 % من دخلها السنوي.

وكنسبة من الإنفاق، يبلغ متوسط إنفاق الأسرة في قطر قرابة 11.5 % من دخلها السنوي على الطعام، حيث تخصص الأسر القطرية نسبة 16.1 % من إنفاقها للطعام مقارنة بالأسر غير القطرية التي تخصص 14.9 % من إنفاقها للطعام. وبالمعدل، تشتري الأسر القطرية طعاما أكثر بـ 1.54 ضعفاً مقارنةً بالأسر غير القطرية غير أنّ حصة المجموعات الغذائية ضمن السلة الغذائية لكل من فئتي الأسر كانت متشابهة نسبيًا. ويُعزى الاختلاف الحاصل بكل بساطة إلى الدخل الأعلى الذي يتسم به المواطنون القطريون مقارنةً بالمواطنين غير القطريين الذي يعيشون في قطر بينما تخصص الأسرة القطرية العادية قرابة 25 % من المبالغ التي تنفقها على الطعام على الحبوب والفواكه والمكسرات والخضراوات.

ونظرًا إلى أنّ قطاع النفط والغاز لطالما ساهم بما لا يقل عن 80 % من الإيرادات الحكومية منذ العام 2014، تعتمد قطر بشكل كثيف على الاستفادة من موارد الهيدروكربونات (النفط والغاز). لذا، يبقى نموها الاقتصادي عرضة لتقلبات الأسعار في أسواق الطاقة العالمية. فقد تقلص الناتج المحلي الإجمالي على سبيل المثال مرتين منذ العام 2015 وكان التقلص الأخير ناجمًا عن انعدام النشاط في قطاع النفط والغاز الطبيعي تبعًا لجائحة كورونا. وللتخفيف من حدة هذا الأثر، سعت دولة قطر إلى تنويع اقتصادها ضمن رؤية قطر الوطنية 2030 والتي تُعتبر بمثابة مخطط لاستثمارالموارد في الأفراد والبنى التحتية وحث مشاركة أكبر من جانب القطاع الخاص.

ومع أنّ النشاط الزراعي في البلاد يُعد صغيرًا نسبيًا وقائمًا إلى حد كبير على الواردات، إلاّ أنّ تشجيع الإنتاج المحلي لا يُعد مهما لتحقيق أهداف الأمن الغذائي فحسب، بل أيضًا لعزل البلاد من الأحداث العالمية وقد أدت تدابير السياسات العامة والدعم الذي قدمته الدولة إلى نمو القطاع تدريجيًا في السنوات القليلة الماضية.

فقد شهدت قيمة الإنتاج الزراعي (أي مجموع الحبوب والعلف الأخضر والفواكه والتمور والخضراوات) معدل نمو سنوي مركب بلغ 7.33 % من العام 2015 إلى 2020، كما شهدت القيمة المضافة للزراعة ارتفاعًا أيضًا (حيث تضاعفت تقريبًا) من 0.16 % في العام 2015 إلى 0.29 % في العام 2020. وبالتالي، بات بالإمكان اعتبار الزراعة في قطر قطاعًا ناشئًا.

ولفت التقرير إلى أنه نتيجةً للمبادرات التي أطلقتها الدولة، حلت قطر في المرتبة الأولى بين سائر الدول العربية وفي المرتبة الرابعة والعشرين عالميًا (من بين 113 دولة) في مؤشر الأمن الغذائي العالمي (GFSI) للعام 2021 بحسب تقرير نشرته وحدة إيكونوميست انتليجنس التابعة لمجلة الإيكونوميست البريطانية في تحسّن مقارنةً بالمرتبة السابعة والثلاثين في العام 2020.

وتحسّن اكتفاء قطر الذاتي بالإجمال من 12.2 % في العام 2015 إلى 15.7 % في العام 2019. ويمكن أن يُعزى هذا التحسن إلى ازدياد إنتاج قطر للخضراوات تبعًا لاعتمادها التقنيات الزراعية الحديثة. ويُشار هنا إلى أنّ الاكتفاء الذاتي من الحبوب البالغ 6 % وفقا لبيانات عام 2020 نابع بشكل رئيسي من الاكتفاء الذاتي للاستهلاك الحيواني والبالغ 12 % وقد حُدد هدف الاكتفاء الذاتي من الخضراوات "الاستراتيجية" (مثل الطماطم والخيار والفلفل والباذنجان والفاصوليا الخضراء والخس والأوراق الخضراء للعام 2023 بـ 70 %، والذي من المتوقع تحقيقه من خلال التطورات المحرزة في الزراعة في البيوت المحمية.

وعلى مر السنين، شهدت الدولة ارتفع في الاكتفاء الذاتي من الخضراوات من 14.7 % في عام 2015 إلى 21 % في عام 2020. وفيما يتعلق بالخضراوات الاستراتيجية، تبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي 44 % في عام 2021 مقابل هدف عام 2023 البالغ 70 %. ومع أنّ ظروف قطر المناخية مواتية لإنتاج التمور، إلا أنّ الدولة شهدت تراجعًا في الاكتفاء الذاتي منها من 86.6 % في العام 2017 إلى 77.8 % في العام 2021 وذلك يُعزى بشكل كبير إلى أنّ الأراضي المستخدمة لإنتاج التمور تراجعت من 2.341 هكتارا في العام 2017 إلى 2.217 هكتارا في العام 2020.

وقد طرحت الدولة مبادرات عدة لدفع عجلة نمو السوق الزراعية ومن بينها مشاريع استثمارية وبرامج ضمان المشتريات ومبادرات تمويلية وبرامج استثمار في الزراعة في البيوت المحمية. أبرزها: مشاريع استثمارية استراتيجية زراعية لإنتاج الخضراوات في البيوت المحمية وكذلك تأسست شركة محاصيل للتسويق والخدمات الزراعية في العام 2018 وهي شركة خاصة مملوكة بالكامل لشركة حصاد الغذائية. وأطلقت وزارة البلدية برنامج ضمان بالتنسيق مع محاصيل. ويعمل البرنامج على إبرام العقود المسبقة مع المنتجين المحليين لشراء منتجات الخضراوات بهدف ضمان أسعار شراء منتجات المزارع المحلية وتوجيه المزارعين لوضع خطط إنتاجهم بحسب احتياجات السوق المحلية، الأمر الذي يشكل دافعًا لهؤلاء المزارعين وضمانةً لبيع منتجاتهم بأسعار تضمن دخلًا جيدًا لهم.

وقد ضخّت الدولة 105 ملايين ريال قطري في قطاع الزراعة تعزيزًا للأمن الغذائي. ويشمل هذا الدعم الحكومي البالغ 105 ملايين ريال قطري في العام 2018 تقديم البيوت المحمية ومتطلبات الإنتاج الزراعي، بما في ذلك البذور والأسمدة والمبيدات والحاويات للخضراوات والتمور وتوزيع خلايا نحل العسل على المزارع المسجّلة.

وعلاوة على ذلك دشنت الدولة برامج الأمن الغذائي والمائي وهي برامج طورها مركز التنمية المستدامة في جامعة قطر على مجالات بحوث مثل إنتاج النباتات المتحملة للملوحة ومحاصيل التربة المالحة وتحسين التربة وإعادة استخدام المياه.

وفي المقابل تشكل استراتيجية إدارة الموارد الطبيعية أحد أبرز عناصر استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر (2022-2018) وتركز على تحسين كفاءة استخدام الأراضي وتوظيف التقنيات الزراعية الحديثة لتحسين إنتاج المنتجات النباتية والحيوانية والسمكية وترمي إلى زيادة الاكتفاء الذاتي من الأسماك ليصل إلى 65 % ومن الماشية ليصل إلى 30 % في عام 2022.

ودشنت وزارة البلدية الخطة الاستراتيجية المستدامة للأعوام (2018-2022) وتمثل هذه الاستراتيجية خريطة طريق لتطوير ستّة قطاعات رئيسية من بينها الزراعة ومصايد الأسماك، وذلك من خلال التخطيط الاستراتيجي ومشاريع الأمن الغذائي لضمان استدامة إنتاج الطعام.

ولم تتوقف المبادرات عند هذا الحد وانما امتدت لتشمل استيراد وزارة البلدية وتركيبها لـ 350 بيتًا محميًا في 85 مزرعة محلية لدعم المزارع المحلية على مواصلة إنتاج الخضراوات في فصل الصيف، ووزعت المعدات والإمدادات الزراعية بما في ذلك 6.010 سلال من البذور على 435 مزرعة، وخدمات حرث التربة وتسويتها على 452 مزرعة و500 ألف صندوق تعبئة على 100 مزرعة أي ما يعادل 5 آلاف صندوق لكل مزرعة، ذلك بالإضافة إلى زيارة المزارع من قبل خبراء لتوفير المشورة الزراعية إلى المزارعين. كما يعمل بنك قطر للتنمية على تقديم تمويل لكامل القيمة اللازمة على ألا يتجاوز المبلغ 70 ألف ريال قطري للمواطنين القطريين لكي يركّبوا بيوتًا محمية في المناطق الحضرية. كان لهذه المبادرات أثر بالغ في قطاع الزراعة، وبخاصةٍ في ما يتصل بإنتاج الخضراوات حيث إنّ حوالي 58 % من إجمالي إنتاج الخضراوات تم في البيوت المحمية في العام 2020.

وأيضا وقعت وزارة البلدية، وهيئة المناطق الحرة بقطر مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون وتسهيل تطوير مجمع أعمال في المناطق الحرة بقطر مخصص لتقنيات الزراعة المتقدمة وصناعة الطعام. ومن شأن مذكرة التفاهم هذه أن تساعد على جذب الاستثمارات من خلال تسهيل زيارات وفود المستثمرين التي تنظمها وزارة البلدية وهيئة المناطق الحرة بقطر. كما وستدعم استضافة فعاليات متنوعة، منها مناقشات بشأن القطاعات الاستثمارية ولقاءات ثنائية بين الشركات ومنتديات اقتصادية وتجارية عالية المستوى وغيرها من الأنشطة الاقتصادية والتجارية التي ستُقام على الصعيدين المحلي والدولي. إلى ذلك، ستساعد مذكرة التفاهم على توفير فرص تدريب والمشاركة في استضافة البرامج التدريبية وستتيج تبادل المعرفة بشأن المعارض الدولية والتواصل مع المستثمرين. ولمعالجة شواغل الأمن الغذائي، شرعت وزارة البلدية في تنفيذ 26 مشروعا لزيادة القدرة الإنتاجية. من بينها 7 مخصصة لفئة البيوت المحمية والأعلاف الخضراء.

copy short url   نسخ
06/12/2022
130