+ A
A -
يحيى عالم باحث مغربي

خلفت استضافة قطر نهائي بطولة كأس العالم الكثير من السجال والجدل بأوجه مختلفة ومتنوعة، لعل أبرزها مدى أحقية بلد عربي في استضافة تظاهرة رياضية عالمية، تحت دعاوى حقوق الإنسان وغيرها من العناوين الكبرى التي وجدت لها صدى في الإعلام ومراكز القوة الناعمة والتأثير في عدد من الدول الغربية أساسا، حيث انتقل الحديث من الرياضة إلى السياسة، ومن الترفيه والفرجة إلى الجدل الثقافي والهوياتي.

وبدلا من أن تصبح التظاهرة الرياضية عنوان تجسير العلاقة بين الشعوب والثقافات على هامش المنافسة الرياضية، وبين الغرب والشرق أساسا حسب المدلول الحضاري أو الشمال والجنوب؛ أضحت مؤشرا على عودة السرديات الكبرى التي تقسم العالم إلى جزر ثقافية، ومحاولة لتوظيف الرياضة في صراع المصالح، مما يطرح سؤال الآخر وطبيعة الموقف منه وخطورة استعادة التقسيمات الثقافية والهوياتية الحادة التي برزت مع نظرية صراع الحضارات لهنتنغتون في تسعينيات القرن الماضي.

إن من تابع الإعلام وطبيعة السجال المثار حول أحقية قطر أو غيرها من الدول العربية في استضافة تظاهرة كروية عالمية يعيد السؤال حول الترسبات الكامنة في لاوعي لفيف النخبة في السياق الغربي، وهي ترسبات تعمل على زرع الانقسام في المجتمع الانساني، وبدلا من أن تصبح هذه التظاهرة العالمية لحظة وفاق عالمي وتعارف إنساني على أساس الحوار والقبول والاعتراف المتبادل، تم جذب الانتباه إلى جوانب أخرى هي من صميم الاختلاف الثقافي التي تعكس جانبا من التعدد في الوجود، أو أنها كانت في حكم المسكوت عنه حين تنظيم البطولة الرياضية في دول لا تنتمي إلى المجال الشرق أوسطي والإفريقي.الجزيرة نت

copy short url   نسخ
06/12/2022
0