+ A
A -
كتب – محمد الجزار

دافع الدكتور حلمي القاعود الأديب والكاتب المصري الكبير، وأحد أعلام النقد الأدبي في الوطن العربي بقوة عن مونديال قطر 2022، وفتح النار على الغرب وأصحاب الحملات الشرسة والمشككين في قطر، مفندا بالحجة والدلائل أسباب هذه الحملات، وخلفياتها الحضارية والثقافية أيضا، مؤكدا أن قطر حققت الكثير من المكاسب من خلال استضافتها لنهائيات كأس العالم لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي.

الدكتور القاعود نشر مقالا مطولا في مجلة المجتمع الكويتية، فند خلاله كل الأكاذيب وتحدث عن نجاحات قطر وتميزها الرائع وعملها الكبير من إجل إنجاح البطولة وخروجها بأفضل صورة ممكنة.

أول مرة

قال الدكتور القاعود في مقاله: لم يحظ العرب منذ نشأة «المونديال» (1930م) بشرف تنظيم «كأس العالم» إلا في هذا العام 2022، بُذلت محاولات في العقود الماضية ولكنها أخفقت، بسبب عدم تحقيق الشروط المطلوبة، وتمكنت أخيراً دولة قطر من تحقيق هذه الشروط، واستطاعت أن تنفق كثيراً لتوفير بنية أساسية متكاملة لإقامة اللقاءات والأنشطة والعناصر المساعدة، وكانت فرصة لنقل الدولة إلى أحدث وضع حضاري عالمي.

وأضاف: عندما اختيرت قطر منذ سنوات لتنظيم المونديال الحالي، بدأت الأراجيف والأباطيل والأكاذيب تزحف على صفحات الغرب الكبرى، وشاشاته الفضائية، ومؤسساته الدولية، تقليلاً من قيمة قطر، وتشكيكاً في قدرتها على التنظيم، فضلاً عن الاتهامات السخيفة بدفع القطريين رشى لينالوا شرف استضافة المونديال.

وتابع قائلا: قبل ستة أشهر بعد اكتمال التجهيزات في قطر للضيافة وممارسة النشاط الرياضي، اشتعلت الكراهية والبغضاء، واختلق الغرب مشكلات تتعلق بحقوق العمال، وعزفت أوتار الحكومات التابعة للغرب على وتر الفشل الذي ينتظر المناسبة العالمية، وامتدت الحملة لتشمل قطر والعرب والمسلمين فضلاً عن الإسلام، وأخذ الغرب الاستعماري يمارس جبروت الهيمنة الاستعمارية فيما يتعلق بالتشريعات والسلوكيات ورفض الآخر المسلم، فراح يقرّع العرب والمسلمين على عدم قبولهم للشذوذ الجنسي، وشرب الخمر، والمظاهر الإسلامية الأخرى مثل المساجد والصلاة والحجاب، ويندد بعدم قبول أفكاره الصليبية وقيمه الوثنية وأخلاقه الانتهازية.

الترويج للشذوذ

وقال أيضا: لقد جاءت بعض الفرق الأوروبية تحمل عجرفة القوة الاستعمارية لتروّج للشذوذ -الذي يسمونه مثلية- وحملوا شاراته (الرينبو أو قوس قزح)، وانتقدوا الدولة المضيفة التي لم تتسامح معهم وفرضت عليها الإرادة الإسلامية طرد دعاة الشذوذ الذين لم يحترموا الضيافة، ولا قيم المجتمع المضيف.

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر التي حضرت لمشاهدة المونديال، تحايلت على منع شارات الشواذ، فارتدت سترة تخفي الشارة التي ربطتها فوق ذراعها حتى دخلت إلى مقاعد المتفرجين، وخلعت السترة فظهرت الشارة بألوان قوس قزح (الرينبو)، وقالت في غطرسة وسوء أدب لرئيس «فيفا» إنفانتينو: انظر: إن الأمر ليس بهذا السوء كما تتصور!

وفي بداية مباراته التي خسرها أمام اليابان، وضع أفراد الفريق الألماني أيديهم على أفواههم عند عزف سلامهم الوطني احتجاجاً على قرار منع شارات الشواذ الذي أصدره «فيفا» (الاتحاد الدولي لكرة القدم).

إظهار الاحترام

وأشار إلى أن بعض المنتخبات الغربية أنكرت هذه المشاعر العنصرية البغيضة، فقد أعلن قائد منتخب فرنسا هوجو لوريس أنه لن يرتدي شارة الشواذ؛ لأنه يريد إظهار الاحترام، وقال مراسل «أوروبا 1»: العالم يعرف منذ 12 عاماً أن قطر ستنظم كأس العالم 2022، لا أفهم هذا الهجوم في الأشهر الستة الأخيرة، وأضاف أنه يتفق مع إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، الذي رفض «تسييس» الرياضة، وذكر أنها «فكرة سيئة»، وكان ماكرون أعلن من قبل أنه سيذهب إلى قطر لتشجيع منتخب بلاده، إذا تأهل الفريق للدور نصف النهائي.

وإذا كانت ألمانيا واليابان وبريطانيا، على سبيل المثال، يدعمون قوانين الشذوذ أو المثلية الجنسية بصورة كاملة، إلا أن هذه المسألة تواجه انتقاداً ورفضاً تاماً واسع المدى داخل الدول الغربية نفسها، فقد رفضته روسيا وإسبانيا وأستراليا، وقد أدان الفاتيكان قوانين الشذوذ..ورأى الفاتيكان أنه إذا تم التصديق على هذا القانون سيتم إجبار المدارس على تنظيم فعاليات مثل «العيد القومي للمثلية الجنسية» يحتفل فيها الأطفال بالمثليين.

ثقافات مختلفة

وتابع الدكتور القاعود قائلا: إن الغرب يعبر عن ثقافة تحفر عميقاً في جذوره الوجودية وتقوم على كراهية الإسلام والمسلمين، وتدفعه من خلال إحساسه بالقوة والهيمنة، ومعرفته بضعفنا وتمزقنا، وهو يسعى جاهداً لفرض هويته على المسلمين بإخراجهم من الإسلام، وإدخالهم في عالمه الهمجي، وإن بدا أحياناً أن المسألة تدور حول كرة القدم وتنظيم المونديال، ومن المؤسف أن النخب العربية الموالية للغرب كانت أشد بؤساً وخيبة وهي تزايد على الغرب الوثني في صراع الهويات، وتحاول أن تنتقص من جهود بلد عربي مسلم في تنظيم كأس العالم، وتقلّل من محاولاته التمسك بهويته الإسلامية، واحترام قوانينه وتقاليده العربية، وقد تجاهلت طلائع الاستشراق، أو قناصل التبشير - على حد تعبير العلامة محمود محمد شاكر - أن الغرب الوثني عدو الإسلام يسوق للشذوذ والإباحية بأشكالها كافة لتخريب البنيان الاجتماعي في دول الإسلام، وتفتيت الإرادة الإسلامية، حتى يفقد المسلمون كل أثر للمقاومة، ويدفنوا هويتهم في أعماق الهزائم والتخلف والتردي.

مخالفة الشريعة

وأوضح أن أحد الإعلاميين العرب أكد أن منع الأجانب من تناول المشروبات الكحولية في قطر مخالف للشريعة الإسلامية! ونسي صاحبنا أنه قال منذ فترة قريبة: إنه لا يوجد شيء اسمه الشريعة الإسلامية..وأفتى آخر أن الذين يفاخرون بأن المنظمين القطريين قد أعلوا راية الإسلام بمنع المشجعين الوافدين من شرب الكحوليات في محيط الملاعب يخلطون خلطاً كبيراً؛ لأن شرب الكحوليات كان ممنوعًا من الأصل على الأراضي القطرية، بينما مع بدء فعاليات كأس العالم سمحت قطر بشرب وتداول الخمور(؟)، بل صار لديهم محال كبرى للبيع، ولم يتم المنع إلا في نطاق ضيق.

ورد القاعود على هذه الكلمات قائلا: لم يكتف العلمانيون العرب بفتاواهم الضالة المضلة، بل استنكروا أن يفخر العرب والمسلمون بانتصارهم في إقامة المونديال، والتعبير عن هويتهم الإسلامية، وهم الذين يبعثون الهويات المنقرضة؛ طائفية أو عرقية أو مذهبية أو خادمة للهوية الوثنية الغربية.

واختتم حديثه قائلا: لقد تجاهلوا أن الشعوب العربية والإسلامية توحدت خلف قطر والمظاهر الإسلامية التي تجلت في أماكن الأنشطة الرياضية، وتناست الخلافات الفوقية، ولاحظت ذلك «الجارديان» البريطانية، كما ذكرت وكالات الأنباء، في 25 نوفمبر 2022، حين حملت عنواناً يقول: العالم العربي يتوحد خلف قطر في كأس العالم، ولفتت الانتباه إلى التحول في المزاج العربي بخصوص كأس العالم الذي «أتى بشكل متأخر حيث أصبح فرحة للجميع».

copy short url   نسخ
29/11/2022
95