+ A
A -
[متى سَتُقَرّر، سَتُعاهِد، سَتَسْتَعِد لكي تبدأ بداية فاعلة وصحيحة لحياتك؟!، سألتُكَ مرات عدّة، ولم تجبني، أتنتظر يوم ميلادك؟ أم الوقت المناسب؟ أم الفرصة الملائمة؟ أم الشخص الملهم؟ تنتظر... تنتظر... تنتظر... مازلتُ أراكَ مكانك، لم تتحرك ولو خطوة واحدة. ليتكَ حاولت ففشِلت، لكنكَ لم تحاول البتة.
سمعتُ أعذارك للمرة المليون، وكل مبررات فشلكَ، وخمولكَ، وكسلكَ، وخسارتكَ، وإحباطك، وخنوعكَ، وذلّكَ، وهميّة، وخاطئة، ومُصْطَنعة، وهشّة، وضعيفة، وغير مقبولة، وغير معقولة، كفاكَ استهتارًا.
أراكَ مبسوطا في كل مرة تحتفل فيها بأيام ميلادك، تلّم الأهل والأصحاب، ترسل رسائل تنبيهيه، تذكّر فيها من نَسِيَ هداياك، تُعلن أنّك كبرتَ سنة. وربما تطفئ شمعة، نسيت تذكيرك بالحقيقة المرة أن عامًا من حياتك قد انقضى، ومضى، ولن يعود. المرعب في الموضوع أن كل يوم ميلاد جديد يعلن العد التنازلي لحياتك من جديد. حياتكَ التي لربما لن تكملها لتحتفل بيوم ميلادك القادم. فهل سمعت في حياتك أن الأقدار تُمهل أحدهم حتى يوم ميلاده المجيد كي يحتفل به، ويحيي ذكراه، ثم تُلقيه على سجادة الموت نائمًا نومته الأبديّة؟!.
أعتذر لأنني صارحتكَ قبلها مرات عديدة، وسأقولها لك بكل ثقة: «أنتَ مثار للسخرية»، بالنسبة لي على الأقل، بعدد المرات التي استهنت فيها بقدراتي، خبراتي، تنبيهاتي، بعدد المرات التي حاولتُ فيها إيقاظكَ لكنكَ سحبت بطانيتك الثقيلة مقررًا تجاهلي تارة، وسجني تارة أخرى؛ لإيمانك أنني لن أستطيع شلّ أركانك، لن أستطيع خذلانك، لن أهرب، سأبقى أسيرًا لك في هذا القبو المعتم إلى الأبد، وسأظل أترنح كالمشنوقين بلا حبال تلتف حول عنقي ولا ريح تداعب جثتي.
لقد سئمتْ، انتظرتُ مرارًا كي أراكَ مختلفًا، كما أستطيع أن أراك، أو كما يبدو لي على الأقل بأنك قادر لأن تصبح شيئًا ما، خبازًا - مثلًا- يتقن صنعة الخبز، يطعم الناس، يطفئ جوعهم، يعيش من عرق جبينه. بِتُّ أحتاج أن أتخيل أنّك تقوم بشيء ما، كي لا أجنّ، أي شيء... مفيد وذو قيمة، أين؟! في هذه الحياة التي منحتك عمرًا إضافيًّا لو تخيلنا أنها سرقته من أحدهم حُبًّا فيك، للعنتكَ سخطًا وبغضًا ومقتًا من صنيعك المخزي، من تشبّهك بالأنعام، تأكل وتشرب ثم ماذا؟ تنام. أو لربما أظل، تفسد مع المفسدين.
أيها المسكين، صحيح أنني بلا صوتٍ مسموع، لكنني حين أتحدّث أهزّ أركانكَ، وسأذكرك يا هذا حين تصل الستين أنّك من المحال أن تعود إلى العشرين... فراجع حساباتك]
كتبها المخلص لكَ: عقلكَ

بقلم : زهرة بنت سعيد القايدي
copy short url   نسخ
12/11/2016
4558