+ A
A -

ها هو الحلم بحمد الله أصبح واقعا ماثلا أمامنا، انطلقت بطولة كأس العالم 2022 من قطر من بلاد العرب، بحفل افتتاح مبهر حضره عدد من قادة الدول ورؤساء المنظمات الدولية، جلس المليارات من كل الأعراق والجنسيات على ظهر هذا الكوكب كأن على رؤوسهم الطير يترقبونه، أنظارهم مركزة على بلدنا الحبيب يترقبون، ينتظرون بشوق ماذا سيقول «تميم المجد» حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى للعالم، خلال إعلانه عن بدء البطولة، فجاءت كلمات سموه -حفظه الله ورعاه- مفعمة بالترحيب والحب والسلام والأخوة، والدعوة إلى تعظيم ما يجمع بين العالم من قواسم مشتركة، وترك ما يفرق بينهم جانبا، انسجاما مع عهد قطعته قطر على نفسها بأن تظل قوة للخير والسلام.

لحظة جميلة جدا تخللت الحدث وميَّزته، فبينما كنا نتهيأ لمتابعة الحفل بلوحاته الإبداعية، طلَّ القائد الملهم على الجميع في استاد البيت، إنه حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، صاحب فكرة وحلم استضافة المونديال منذ سنوات طويلة، حيا الحضور ملوحا لهم بيده، فبادلوه التحية بقلوب مفعمة بالحب والامتنان، فهم يعرفون أنه صاحب الحلم الذي نعيشه واقعا، فبصبره ومثابرته استطاع تحقيقه، وتم تخليد هذا الحلم ضمن الحفل بلوحة «جذور الحلم» وما أجمل أن نستيقظ من حلم جميل فإذا هو حقيقة لا حلم، وتم تتويج المشهد الفريد بسعي سمو الأمير القائد «تميم المجد» لمصافحة والده وملهمه في مشهد رائع، اختصر للعالم حديثا طويلا حول القيم الجميلة في ثقافتنا وهويتنا العربية الأصيلة.

اختيار ملعب البيت لاحتضان حفل الافتتاح له ما له من الدلالات التي لا تخفى عن أحد، البيت الذي هو عبارة عن خيمة أو بيت الشعر يجتمع في رحابه أفراد العائلة، الذي يمثل عنصرا قويا من عناصر الهوية العربية، واختيار الشاب خالد المفتاح لإجراء حوار مع الممثل العالمي مورغان فريمان فيه دلالة جلية على ضرورة تعميق الحوار بين الشرق والغرب، للوصول إلى المزيد من القيم الإنسانية التي تجمع البشر على اختلاف أعراقهم وألوانهم وثقافاتهم، من أجل العيش في تفاهم وسلام، وإثبات أن كلا منهما يكمل الآخر.

الصور الجميلة التي حكت عادات وتاريخ قطر كجزء من المكون الحضاري العربي أبهرت الغرب، لأنها قدمت لهم عناصر أساسية يجهلونها عنا، مثل أداء العرضة دق الحب باستخدام المدق، ومكانة المرأة عند العرب منذ القدم، وتكريمها بتصميم الهوادج كالقباب على ظهور الإبل، كونها تمثل مكانة كبيرة وعمودا للبيت، وغير هذا من عاداتنا وتقاليدنا.

جميل جدا أن يحتفي الحفل بالمشجعين من كافة أنحاء العالم، على اعتبار أنهم الأبطال الحقيقيون لهذه البطولة، وهم من يضفون عليها بهجة وتشويقا، وتشجيعا وحماسا، حيث جمعت لوحة خاصة بهم بين هتافات تشجيع المنتخبات المشاركة في البطولة، وسط تقليد احتفالي قطري شعبي للتأكيد على العلاقة المشتركة بين الشعوب على الرغم من اختلاف اللغات والثقافات، وقد تم اختيار عنوان رائع لهذه اللوحة «إيقاع الأمم» فضلا عن لوحة الدمج بين الهتافات الرسمية السابقة مع مزيج موسيقي في تشكيلة امتزجت بأغاني البطولات السابقة التي تُعد ملهمة للبطولة الحالية، وكان.

كل هذا تابعه العالم عبر عروض ثقافية وموسيقية وبصرية حديثة ومعاصرة تم استخدامها للمرة الأولى في تاريخ البطولة، في رسالة مفادها الترحيب ودعوة العالم للتعاون في ظل الخيمة كقبيلة واحدة، ولتثبت أن قطر وعدت فأوفت.

بقلم: آمنة العبيدلي

copy short url   نسخ
24/11/2022
50