إشارات مختلفة ومتناقضة تخرج من واشنطن فيما يتعلق بالمرحلة التالية من مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا.
ففي الوقت الذي لم تعد تخفي فيه واشنطن انفتاحها على وضع نهاية للحرب الروسية على أوكرانيا، لا تترد إدارة الرئيس جو بايدن في العمل على زيادة ما تقدمه من أسلحة ومساعدات للجانب الأوكراني.
وكان الجنرال ملك ميلي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، وهو أعلى منصب عسكري في البنتاغون، قد دعا أوكرانيا إلى الانفتاح على فكرة التفاوض مع روسيا.
وأشار الجنرال ميلي إلى أن الروس يعززون الآن سيطرتهم على 20 % من الأراضي الأوكرانية، وأن الخطوط الأمامية من مدينة خاركيف إلى مدينة خيرسون تشهد استقرارا، إلا أنه أضاف أن «احتمال تحقيق نصر عسكري أوكراني يقوم على طرد الروس من جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، ليس كبيرا من الناحية العسكرية».
في الوقت ذاته، حثت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إدارة بايدن على إعادة النظر في قرارها عدم منح أوكرانيا طائرات من دون طيار متطورة، قائلين إن التكنولوجيا يمكن أن تساعد كييف على الاحتفاظ بأراضيها واكتساب زخم في ساحة المعركة.
وفي رسالة اطلعت عليها صحيفة «وول ستريت جورنال» وجهت لوزير الدفاع لويد أوستن، حث 16 عضوا في مجلس الشيوخ الإدارة على منح أوكرانيا طائرات مسلحة من دون طيار من طراز «إم كيو-1سي» (MQ-1C) أو غراي إيجلز، وهي طائرات مسلحة من دون طيار متوسطة الارتفاع يمكنها الطيران لأكثر من 24 ساعة، ولها قدرة تدميرية هائلة، إضافة لدقة إصابة أهدافها.
وكتب المشرعون: الجانب الإيجابي طويل الأجل لتزويد أوكرانيا بـ«إم كيو-1سي» مهم، ولديه القدرة على دفع المسار الإستراتيجي للحرب لصالح أوكرانيا.
وفي حديث للجزيرة نت، قال خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك إن «أوكرانيا حققت نجاحا مذهلا في وقف الغزو الروسي، وحررت أكثر من نصف الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، ومع ذلك فإن السؤال هو: هل أوكرانيا قادرة على تحرير بقية أراضيها وتحقيق نصر حاسم في ساحة المعركة بحيث يمكنها تخطي المفاوضات؟».
وأشار بيك إلى أنه «في حين أن الأداء العسكري الروسي يعد سيئا، لا يزال بوتين يتمتع بموارد كبيرة، بما في ذلك إمكانية تعبئة الملايين من الجنود الجدد. وحتى لو لم يكونوا مدربين تدريبا جيدا أو مسلحين تسليحا جيدا، فإن كل هؤلاء المجندين الروس الجدد المتحصنين في تحصينات دفاعية يمكن أن يلحقوا خسائر كبيرة بأوكرانيا».
من جانبه، أكد البروفيسور وليام وولفورث الأستاذ بجامعة دارتموث والخبير في السياسة الخارجية الأميركية، في حديث للجزيرة نت، أن «مسؤولي الإدارة يختلفون حول ما إذا كان الوقت قد حان للدفع باتجاه مسار المحادثات. وهذا أمر مفهوم، حيث يمكن للعقلاء أن يختلفوا حول هذه المسألة». ولم يستبعد البروفيسور وولفورت أن تكون هناك «ضغوط أميركية على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من وراء الكواليس، فلدى الولايات المتحدة العديد من الطرق، المباشرة وغير المباشرة، لنقل هذه الرسائل».