+ A
A -
يتحدثون عن عذاب المغني، وعذاب المغني عذابات، لكن أكثر ما يعذبه أن يفقد صوته!
مغنون كبار، تعذبوا حين راح منهم الصوت، وآخر هؤلاء المغنية الفلسطينية ريم البنا، التي كانت تبكي- فيما اتخيل، وهي تكتب على صفحتها في الفيس بوك عن روحان صوتها، ربما إلى الابد!
الصوت نعمة، وكل نعمة إلى زوال، فكن بهذه النعمة برا حفيا، قبل ان تزول.
للصوت تمارين.. واشهر هذه التمارين، ان ترفع صوتك بينك وبين نفسك، وترخي أذنيك كليا، تتفرس في منابته ومخارجه، حتى إذا ما اطمأننت إلى سلامتهما، اطمئن ايضا إلى انك تتنفس دائما بأنفك، ثم تابع حركة التنفس شهيقا وزفيرا، وتيقن من ان كل كلمة تخرج من منابت الصوت فيك، تأخذ تمام حقها من الارتياح، وتخرج منك كما ولدتها أمها، نظيفة، وطاهرة، ومجلوة!
تعلم أن تطرب من صوتك.. تعلم ان يطربك صوتك.. وتعلم: متى ما لم تطرب أن تمارس التمارين الصوتية، وحاول ان تخرج أي حرف من أي كلمة، من مكانه بالضبط!
ريم المغنية- تلك التي تخيلتها وهي تبكي، هزت فيني كل منابت البكاء.
ما أشقى من يروح منه الصوت، في زمان الغناء، وفي زمان الكلام المباح!
ما تخيلته في ريم الفلسطينية، تخيلته ذات حلقة من برنامج (اغاني واغاني) في قناة النيل الأزرق السودانية، والحلقة كانت على شرف المغني السوداني الذي راح صوته الجميل: النور الجيلاني.
كان المغنون، يتناوبون أغاني الجيلاني، والجيلاني.. كان الصوت فيه، بلا صوت.. وكان الغناء- غناؤه- يحوم في داخل أي حبل من حباله الصوتية، في الداخل ويتأبى الخروج!
مسكين المغني، الذي يضيع منه الصوت.
كان الجيلاني في تلكم اللحظات كتلة من المسكنة والعذاب. كان نهرا من نهنهة الدموع في الدواخل.
أيها الناس: من أراد أن ينظر إلى معنى في تمام عذاباته، فلينظر الآن إلى النور الجيلاني!
قلتُ ما قلت، وأنا أرفع من شأو صوتي، وحين أرخيتُ أذني الاثنتين لفمي، وتيقنتُ أن كل كلمة من تلك الجملة، خرجت من منبعها، كما ينبغي، حمدت الله على نعمة الصوت.. ونعمة السمع، معا!
ما أكثر النعم، تلك التي فينا، ولا نلتفت إليها، إلا حين تروح منا.. وتروح.
أيها الناس: حافظوا على أصواتكم..
وتعلموا ان تصمتوا- أيضا- في الوقت المناسب!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
09/11/2016
1055