+ A
A -

عشية انطلاق بطولة «كأس العالم FIFA قطر 2022»، تبدو الدوحة والمدن القطرية الأخرى في أجمل حلة، تتلألأ جمالا وتفوح عطرا، وهي ترحب بالزائرين والمشجعين ليشهدوا واحدة من أجمل البطولات على الإطلاق.

كنا ننتظر هذه اللحظة ونعدها بالسنوات، ثم بالأشهر والأسابيع والأيام، والآن لم يبق سوى ساعات على إزاحة الستار عن لؤلؤة العالم المشعة بالنور.. قطر.

نفد الصبر والجميع ينتظر ساعة الصفر.. وفي هذه اللحظات الحاسمة التي تُحبس فيها الأنفاس لا بد أن نستذكر بكثير من الامتنان الذين خططوا لاستضافة هذا الحدث، والذين واصلوا العمل ليل نهار من أجل تحويل الحلم إلى حقيقة، فخلال «12» عاما فحسب تم صنع معجزة حقيقية، وسوف يقف العالم بأسره تقديرا لهذا البلد ورجاله المخلصين الذين لا يعرفون الكلل أو الملل ولا المستحيل، ويصرون على تقديم كل ما هو جميل وأصيل وليس له مثيل.

لا تستطيع الكلمات أن تفي الذين عملوا وسهروا واجتهدوا حقهم، ولا تستطيع العبارات أن تعبر عن مدى التقدير لجميع من وقف وراء ما نشهده اليوم، متسلحين بالعزيمة والصبر والعمل المتواصل والسهر، ومتحدين كل الصعب والوعر، مستندين إلى قول المؤسس جاسم بن محمد:

صبرنا لها ما زعزع الدهر عزمنا..

‏ونلنا بها العليا على كل طايل

لقد أثبت شعبنا أنه يمتلك قدرات خلّاقة، وإرادة صلبة، وروحا وطنية لا تهاب، وتقهر كل الصعاب، كما أثبت المقيمون على أرضنا، وهم أخوة وأصدقاء، إخلاصا منقطع النظير، وبتكاتف جهود الجميع، نعيش اليوم عرسا حقيقيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

كل قطاعات الدولة ساهمت في هذا الحدث الهام، وبفضل وحدتنا وقوتنا وصمودنا استطعنا أن نصل إلى هذه اللحظة، وكان دونها طريق حافل بالمحطات والتحولات والمحاولات، لكن بفضل الله أولاً، ثم بعزيمة لا تعرف التراجع عبرنا إلى أهدافنا، وحملنا المسؤولية على أكتافنا.

غدا تبدأ البطولة، والكل يترقب حفل الافتتاح، ويتشوق لمباراة منتخبنا الأولى مع الأكوادور، والجميع جاهز لتذليل العقبات ومد يد العون لطوفان من البشر من جميع أنحاء العالم، جاؤوا لرؤية واحدة من ألمع وأنجح البطولات والتجمعات.

من المؤشرات البارزة إن هذه النسخة ستكون الأولى محايدةً الكربون، اعتمادا على مستوى استدامة الملاعب وفقا للفئات المختلفة، بما فيها التصميم والبناء والطاقة واستخدام المياه، فضلا عن تركيب محطات لقياس جودة الهواء والانبعاثات الغازية والغبار في جميع ملاعب المونديال.

شركة أريدُ قطر أتمت استعداداتها، لتقديم خدمات اتصالات تتميز بمعايير مرتفعة، لتكون هذه أول نسخة من كأس العالم تستخدم تقنية الجيل الخامس 5G بالكامل، للاستمتاع بخدمات الاتصالات الصوتية والبيانات بسهولة خلال الحدث الرياضي، عبر فريق عمل يضم أكثر من «300» خبير، وستكون أول بطولة كأس عالم لكرة القدم، جميع ملاعبها مجهزة بسرعات تنزيل تتجاوز «1» غيغابت في الثانية عبر شبكة الجيل الخامس.

المواصلات ستكون فريدة من نوعها، وبشبكة المترو والحافلات الكهربائية ووسائل النقل الأخرى التي استعدت بدقة متناهية، سيخوض الزوار تجربة لا مثيل لها أبدا.

أما قطاعنا الصحي فقد أثبت على الدوام جاهزيته وقدراته الفريدة، وتم تعزيز خدمة الإسعاف بالكوادر البشرية، والموارد اللوجستية، دون أن يؤثر ذلك على العمل الروتيني اليومي، لذا فقد تم تعزيز الخدمة بطواقم إسعافية بلغ عددها «110» سيارات إسعاف، إلى جانب «212» عيادة متنقلة،و«115» سيارة إسعاف، وكذلك يوجد مسعفون مترجلون وعلى الدراجات الهوائية والاسكوترات إضافة إلى طائرات الهلوكوبتر.

أجهزتنا الأمنية بذلت جهودا استثنائية، كما حرصت لجنة عمليات أمن وسلامة البطولة على الوصول إلى قمة الجاهزية لتأمين البطولة على مختلف المستويات، وذلك بدعم المواطنين والمقيمين، والذين يعتبرون بمثابة الصف الأول لتحقيق النجاح لتكون البطولة الأكثر أمنا في العالم.

وحرصت اللجنة على رفع قدرات الكادر البشري من خلال تنفيذ حزمة من الخطط والبرامج والدورات التدريبية والتأهيلية والتمارين المشتركة، وذلك تنفيذا لما جاء في الاستراتيجية الأمنية للبطولة، حيث تم في هذا الجانب تنظيم عدد من الدورات والبرامج التدريبية، من أهمها: برنامج أمن وسلامة الجماهير الرياضية، وتمت الاستعانة بخبراء متخصصين، ومنظمة اليوروبول، وتطابقت جميعها مع ما هو معتمد ومطبق لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وبلغ إجمالي المشاركين في هذه البرامج من الأمن الحكومي «32.000» مشارك، بالإضافة إلى «17.000» مشارك من الأمن الخاص.

هيئة الأشغال العامة «أشغال» لها كل التقدير؛ إذ أثبتت أنها على قدر المسؤولية، ونجحت في إنجاز شبكة طرق متكاملة بمعايير عالمية، تخدم جميع مناطق الدولة، وتربط المدن الرئيسية والمناطق السكنية، وتمهد الطريق للوصول للملاعب، حيث تم الانتهاء من كافة مشاريع الطرق السريعة المؤدية للملاعب، والتي وصل إجمالي طولها إلى «1791» كم، إضافة إلى «207» جسور و«143» نفقا.

متاحفنا تتألق، ومدننا تزينت بما يليق بهذا الحدث الرياضي، ووزاراتنا المختلفة أدت ما هو مطلوب منها على أكمل وجه، فالدوحة اليوم في أجمل لوحة.

لكل هؤلاء الشكر والتقدير، ولا توفيهم الكلمات حقهم، ولا تسع المقالات لذكرهم، ولكن يكفي أن تكون إجابتنا لمن يسأل عن سر هذه النقلة التاريخية والإنجازات العالمية بكل ثقة: «وحدتنا كانت مصدر قوتنا».

محمد حمد المري - رئيس التحرير المسؤول

copy short url   نسخ
19/11/2022
145