+ A
A -
يحيى سيد عمر باحث اقتصادي

تعد بطولة كأس العالم الحدث الرياضي الأهم عالمياً على الإطلاق. وبالإضافة لأثره الرياضي والاجتماعي والثقافي فله آثار اقتصادية. وهو ما بات يعرف باقتصاد الرياضة. وهذا ما ينسحب على دولة قطر. فبالإضافة للمنافع الاقتصادية المباشرة للبطولة فإن لها آثاراً غير مباشرة. منها المساهمة بتطوير البنية التحتية في الدولة. وهذا الأمر يعد مساهمةً مستدامةً تستمر بعد نهاية البطولة.

* كيف شجّعت البطولة الإنفاق على البنية التحتية في قطر؟

- تشير بعض التقارير الصحفية إلى أن إنفاق دولة قطر على بنيتها التحتية في العقد السابق بلغ 230 مليار دولار. وهو رقم ضخم جداً. لا سيما إذا تمت مقارنته بالهدف الرئيس وهو استضافة البطولة. لكن الحقيقة أن غالبية الإنفاق على البنية التحتية القطرية كان في إطار رؤية قطر الوطنية 2030م. والتي تزامنت مع استضافة المونديال.

بصفة عامة يشكل الإنفاق على البنية التحتية في قطر سواء كان في إطار بلوغ رؤية 2030 أو استضافة المونديال إنفاقاً استراتيجياً. فالبنى التحتية ستستمر بعد نهاية البطولة وسيتم استثمارها لعقود طويلة. وهو ما يدعم التوجه الحكومي بتقليل الاعتماد على إيرادات النفط والغاز في تمويل الموازنة العامة للدولة.

من جهة أخرى وضمن خطط الدوحة لتطوير بنيتها التحتية. تم عام 2011م استحداث «اللجنة العليا للمشاريع والإرث» بهدف تنفيذ مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة نسخة كأس العالم 2022م. ووضع المخططات وتنفيذ العمليات التشغيلية. بما يساهم في تسريع عجلة التطور وتحقيق الأهداف التنموية للدولة.

* ما جوانب تطوير البنية التحتية في قطر؟

- تظهر جهود دولة قطر في تطوير بنيتها التحتية في إطار استضافتها لبطولة كأس العالم. وتحقيق رؤية 2030م من خلال عدة جوانب. منها تنظيم بطولة خالية من انبعاثات الغازات الدفيئة عبر الاعتماد على الطاقة المتجددة. فتم الاعتماد على الطاقة الشمسية في إنارة مواقف السيارات والمناطق المحيطة بالاستادات. إلى جانب التبريد بالطاقة الشمسية في مواقع التدريب.

وتعزيزاً للاستدامة البيئية -أيضاً- تم إنشاء حدائق جديدة وريها بمياه معادة التدوير. مع اختيار نباتات ذات استهلاك منخفض للمياه لإنتاج مساحات خضراء مستدامة. ومنذ عام 2020م تمت زراعة نحو 500 ألف متر مربع من العشب. و5 آلاف شجرة. و80 ألف شجيرة في الأماكن العامة. وهذا التخطيط ساهم في الحد من استهلاك المياه في تشغيل الاستادات بأقل من 40 % من المتطلبات الدولية.

أما فيما يتعلق بالبنية التحتية المرتبطة بقطاع النقل فقد تم تطوير نظام النقل لتخفيف حدة الزحام في الشوارع. فتم إنشاء وتطوير مرافق نقل جديدة وعصرية. مثل مترو الدوحة «الريل» الذي ينتظر أن يخدم المشجعين عبر 37 محطة موزعة على 3 خطوط. تربط ملاعب البطولة ببعضها. فضلاً عن تهيئة مسارات جديدة للحافلات. وأنظمة «الترام» بمدينة لوسيل والمدينة التعليمية.

وفي إطار البنية التحتية المرتبطة بقطاع النقل تم استبدال 25 % من الحافلات العامة بأخرى كهربائية. بما يقلل تلوث الهواء. وامتدت عمليات تطوير البنية التحتية إلى توسعة مطار حمد الدولي لتصل إلى 50 مليون مسافر عبر 1300 رحلة يومياً. باعتباره البوابة الرئيسية لوصول المشجعين.

من جهة أخرى تم تطوير البنية التحتية المرتبطة بقطاع الضيافة. فقد تم مضاعفة عدد الفنادق والمنتجعات عدة أضعاف. فعدد الغرف الفندقية عشية البطولة بلغ 130 ألف غرفة. وفي العام الحالي فقط تم افتتاح 50 فندقاً جديداً. إضافةً للشواطئ السياحية. وغيرها من البنى التحتية المرتبطة بقطاع الضيافة.

اليوم وبعد مرور أكثر من 11 عاماً على فوز قطر باستضافة بطولة كأس العالم استطاعت الوفاء بتعهداتها. لتكسر حاجز الخوف المسيطر على الفيفا من عدم قدرتها على استكمال إنشاءات الاستادات. كما حدث خلال مونديال جنوب إفريقيا 2010م ونسخة البرازيل عام 2014م. إلا أن قطر تمكنت من تجهيز كافة الملاعب قبل عام من انطلاق البطولة والتي تم اختبارها خلال بطولة كأس العرب 2021م.

في الحقيقة إن البنى التحتية التي تم إنجازها في إطار استضافة المونديال تتشعّب لتشمل مختلف القطاعات. وهي بنًى مستدامة. بمعنى أنها ستستمر في أداء وظائفها بعد انتهاء البطولة، وهي تعد نقلةً نوعيةً في جهود تحقيق رؤية 2030م. والآثار الاقتصادية لهذه البنى ستترك نتائجها الاقتصادية خلال فترة البطولة وما بعد البطولة.

copy short url   نسخ
19/11/2022
1315