+ A
A -
في مقدمة كتابه «عبد الناصر المفترى عليه والمفتري علينا» قال أنيس منصور إنه بعد نشر سلسلة مقالاته في الهجوم على عبدالناصر قيل في محافل كثيرة لماذا سكت عنها حسني مبارك وهل كانت هذه المقالات العنيفة بالاتفاق مع مبارك، لأنه أراد كسر الطوق الناصري الملتف حول الرئاسة؟
وأجاب أنيس منصور بأن مبارك لا دخل له في كل ما كتب وأنه لم يسأل مبارك ولم يطلعه على شيء مما كتب قبل نشره، وقال إن مبارك لا يتدخل ولا يحاسب عما ينشر في الصحافة وإذا ضاق بما كتبه فلان فإنه يقول لي ولغيري إن فلاناً هذا ليس منصفاً فيما كتب، ولكنه حر وأنت لا تقل له شيئاً على لساني.
وفي حديث لصحيفة «المصري اليوم» نشر أول ديسمبر 2009 قال إن مصر أصبحت كجسد استفحل فيه المرض لدرجة أن التفكير في العلاج بات نوعاً من الترف، والبكاء والدعاء إلى الله ليشفيها بات أيضا نوعاً من الترف، فهي حالة ميئوس منها ومهما أمددنا هذا الجسد المنهك بالمرض بالدواء، فإنه لن يجدي وقال أيضا إن العيب في الحاكم والمحكوم، فالحاكم يحاط بحاشية تؤثر فيه وتجعله لا يرى الحقيقة ولا يبحث عن الحلول الصحيحة والحال أشبه بما في النكتة التي تقول إن شرطياً عثر في إحدى الليالي على رجل يدور حول عامود نور، فسأله عما يفعل أجابه بأنه يبحث عن مفتاح مسكنه الذي وقع منه، فسأله الشرطي هل وقع هنا؟ فأجابه لا.. وقع في أول الشارع.. وسأله الشرطي ولماذا تبحث عنه هنا فأجاب الرجل لأن هذه المنطقة فيها النور (!) وعلق هكذا يفعل النظام لا يبحث عن المشاكل بالطريقة الصحيحة ولكن يبحث عنها بجوار الحاشية وإذا فسدت الحاشية فسد النظام كله، وكلما قوي النظام ضعفت الحاشية وهناك عبارة شهيرة لمؤرخ بريطاني تقول القوة مفسدة.
هكذا تحول أنيس منصور من صديق قريب ومؤيد لمبارك إلى معارض قوي وصريح، وكتب في عموده «مواقف» في الأهرام لا تسأل الحاكم من الذي فرعنه ولكن اسأل المحكوم من الذي قطع لسانه فلا يصرخ ومن الذي أضاع الطريق من قدميه نريد أن نعرف أين نحن.. نحن يا سيدي في الباي باي إذا هربنا بأموال البنوك فنحن لصوص محترمون وإذا نهبنا المال العام فلدينا محامون بارعون هل لايزال عندنا أمل؟ هناك أمل وحل.
قبل ذلك كان يكتب عموداً يومياً في صحيفة «الشرق الأوسط» التي تصدر في لندن فكتب في عدد 4 يونيو 2006 «زمان كنا نقول إن القانون سيف على رقاب العباد واليوم نقول إن القانون لا هو سيف ولا هو فوق رقاب العباد وإنما القانون يقول للقوي شبيك لبيك عبدك بين يديك».
وفي 11 مارس 2006 كتب نحن جعلنا أبواب السجون ضيقة حتى لا يدخلها الكبار والحيتان والقطط السمان، فإذا سرق أحدنا رغيفاً انطبقت عليه جميع مواد قانون العقوبات وإذا سرق الكبار أموال البنوك فلا عقوبة وكلما كانت الجريمة كبيرة كان العقاب صغيراً أو لا عقاب وإنما إعجاب وألقاب، فمن الذي بدد الشباب وأرهق الحياة وسحق الإيمان؟ إنه الذي شطر الناس إلى لص صغير ومجرم كبير.
هذا قليل من كثير هاجم فيه أنيس منصور حكم مبارك بعد أن مدحه قبل ذلك بسنوات ودراسة الفكر السياسي لأنيس منصور مهمة صعبة، لأنه كان يدعي أنه ليس كاتباً سياسياً وهذا صحيح ولكنه كان يخلط رأيه السياسي بآرائه الاجتماعية والفلسفية، كما كان يقول إنه أديب ودارس للفلسفة وليس صحفياً مع أنه عاش حياته محرراً في الصحف ورئيساً لتحرير عدة صحف ومجلات إن فهم أنيس منصور صعب.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
28/10/2016
3051