+ A
A -
محمود إبراهيم سعد
مدرب ومستشار دولي معتمد
إذا أخذت (100) نملة سوداء و(100) نملة حمراء ووضعتها في وعاء زجاجي، وراقبت ما سيحدث بين النمل داخل الوعاء، لوجدت أنه لن يحدث شيء!
لكن إذا أخذت الوعاء، وقمت بهزه بعنف، وتركته على الطاولة، وراقبت ما سيحدث بين النمل داخل الوعاء، لوجدت أن النمل سيبدأ في قتل بعضهم بعضا!
فالنمل الأحمر يعتقد أن النمل الأسود هو العدو، بينما يعتقد النمل الأسود أن النمل الأحمر هو العدو، بينما العدو الحقيقي هو الشخص الذي هزَّ الوعاء.
ونفس الشيء ينطبق على بني البشر في المجتمع، فقبل أن نختلف ونتخاصم يجب علينا أن نسأل أنفسنا: من الذي هزَّ الوعاء؟!
فكم من علاقات تمزقت وانتهت؟ وكم من أصدقاء تفرقوا؟ وكم من أزواج انفصلوا؟ وكم من إخوة تنافروا وتباعدوا عن بعضهم بعضا؟
وكم وكم وكم.. إلخ، وكل هذا بسبب شخص ما هزَّ الوعاء بالغيبة والنميمة! سواء لمصلحة شخصية تخصه أو لكبت في قلبه أو لمرض نفسي يمتلكه..!
وغالبا ما يكون هذا الشخص معسول الكلام لا يملك أي موهبة غير القدرة على التعبير عن الذات وسرد خبراته الواهية وسراب تاريخه المزعوم، محاولا إقناع الآخرين بأساليب وحيل ملتوية معتمدا على قلة خبرة من أمامه وطيبة ونقاء سريرتهم، فهو إنسان خاوٍ فارغ، يسعى لتعويض نقصه وتثبيت أقدامه في بيئته بأساليب يبدو عليها الحلاوة، إلا أن في باطنها كل المكر والخداع!
ومن المؤكد أن دوافع ذلك السلوك تعود إلى قصور في الوعي، وضعف في الشخصية، وقلة الإمكانات والمواهب لديه، والتي يسعى هذا الشخص لتعويضها من خلال هزِّ الوعاء؛ لإشغال الآخرين بأنفسهم، وإبعاد العين عنه؛ حتى لا تبصر ضعفه وقلة إمكاناته وضعف قدراته، فبينما ينشغل الآخرون فيما بينهم، يحصد مكاسب عديدة غير مستحقة دون تعب أو جهد، وللآسف الشديد يلقى هذا السلوك قبولاً من البعض ممن يقبلونه ويتجاوبون معه!
نسأل الله -عز وجل- أن يمنحنا جميعًا قلبًا واعيًا وعقلاً مدركًا كي نميز الأمور ونفرق بين الصالح والطالح حتى نخلق بيئة متوازنة ومتسامحة مع الآخرين للعيش في سلام وأمان واطمئنان رافضين كل صور العنف والتملق والنفاق الذي يسميه بعضهم «ذكاء اجتماعيا»!!
وختاما أقول: حافظوا على علاقاتكم، ولا تسمحوا بهزّ الوعاء.
copy short url   نسخ
14/05/2022
236