+ A
A -
دخل الوزارة عابسا.. وخرج منها عابسا.. وحين ركب سيارته أغلق شبابيكها ودخل في حالة ضحك هستيرية.. فاجأته من الباب الخلفي بجواره لأضع ملفات طلبها لدراستها في البيت.. لم يسألني إن كنت سمعته أو رأيته يضحك ففي السيارة عازل مع السائق فهو يرى السائق والسائق لا يراه فالوزير يتحكم بآلية السمع والمشاهدة من كرسيه.. وما أن شعر بي حتى استطاع وفي لمح البصر أن يتجهم.. في اليوم التالي دخلت عليه وعلى وجهي ابتسامة مخفية.. فسألني: لم تبتسم؟، قلت: لا شيء سيدي, لا شيء.. قال: بلى.. أنت سمعتني أمس.. فأظهرت عدم معرفتي.. قال.. أريد أن اقول لك شيئا.. الوزير أو المسؤول يجب أن يظهر الحزم والجدية في المظهر والتعامل.. وإلا تفلت الوزارة ولكن حين أخرج منها إلى أن أصل سيارتي أعود مواطنا عاديا فأدخل في مرحلة ضحك حيث أستحضر نكتة صديق أو موقفا حصل اليوم يستدعي الضحك فمثلا اليوم حين كان الوكيل كان يريد أن يقوم من على طاولة الاجتماع تعثر ببشته، وكاد يغمى علي من الضحك.. لكن كتمت ذلك إلى السيارة..
قلت: هذا من حقك وتصرف شخصي لك سعادة الوزير.. لكن الناس تأخذ عنك انطباعا بأنك «شراني».. فقال.. ليكن فهذا أفضل من متهاون ولين.. إنما حقاني.. نعم حقاني.. فهو لم يتخذ أي قرار لم يكن في غير محله.. وكان يتأني في اتخاذ أي قرار وأحيانا حين يكون فيه ضرر كان يتركه على مكتبه أكثر من أسبوع ثم يقرر إما رفضه أو التوقيع عليه..
وكان يقول التأني في اتخاذ القرارات الصعبة حكمة..
التقيته بعد زمن في بهو فندق سبع نجوم فوقف حين رآني مبتسما.. سألني هل كنت شرانيا؟.. قلت: شراني لكن حقاني.. قال: أحسنت..
سيدي الوزير.. لا أقصدك!!
سيدي الوكيل.. لا أعنيك!!!
نبضة أخيرة
أدمنت الحرف فأرسلت لي حبلا سريا معلقا بمشكاة يمدني بما يفيض رضابها من ترياق يبعث الحياة في العروق المتيبسة.!
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
11/10/2016
889