+ A
A -
تعرفون عنترة بن شداد إنه فارس وبطل وشاعر جاهلي كان مغرماً بعبلة ابنة عمه وأنشد لها الأشعار والقصيدة تلو القصيدة والمعلقة المشهورة وله بيت شعر مشهور يقول فيه:
سيذكرني قومي إذا الخيل أقبلت
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ولا شك تعرفون الفارس والشاعر أبو فراس الحمداني له بيت شعر يشابه بيت عنترة من قصيدته أراك عصي الدمع شيمتك الصبر يقول فيه:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
وبعد التقصي والبحث في أمهات الكتب وجدت أن الشطر الثاني من بيت الشعر الذي ورد في القصيدتين للفارسين الشاعرين الألمعين يعد من عيون كلام العرب وذهب مثلاً سائراً من أمثالها وورد في قصائد عدد من الشعراء ـ بالمناسبة سيرة عنترة العبسي وأبو فراس الحمداني استهوتني وأنا على مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية ـ ولكني اليوم سأتحدث عن فركاز وفركاز هذا أيقونة العمالة المخلصة في إحدى المؤسسات الخدمية، خدوم لأبعد الحدود، يعمل في وظيفة لا تتوافق مع امكاناته وتخصصه! عنده ميول واستعدادات شخصية وتطلعات أن يجد يوماً وظيفة تليق به أفضل حالاً من وظيفته الحالية فراشاً مجرد عامل لا أكثر! خاصة وأنه خريج بكالوريوس ولكن الظروف خذلته لم تساعده كغيره ممن رفعهم الزمن فجأة، لذلك اجتهد على نفسه من أجل لقمة العيش لعل وعسى يحقق أحلامه من أجل هذا الحلم، عمل في وظيفته كعامل خدمات بحب وأخلص في وظيفته، يساعد الجميع، كون علاقات مع الجميع، ويمتلك مهارات جمة، مهارات عالمية، وفي كل الاتجاهات، يساعد الموظفين يحضر لهم مشروبهم من الشاي والماي والكافيه واللاتيه والكابتشينو والقهوة والسندويتشات من الكافيتيريا وينظم الفايلات ويرتبها ويصور المستندات يركض في الاتجاهات الأربعة من أجل لقمة العيش يخدم الموظفين والمراجعين وهو الكل في الكل في تلك الإدارة! أهم من الموظفين!! هو الأول وهو الآخر يعلم كل شيء ويحل أي مشكلة ويجيب عن أي سؤال! المراجعون لا يسألون إلا عنه! لأنه ولد أبوه! خدوم يحل المعضلات! حرج، لا يكل ولا يمل، كسب ثقة الجميع، ووصل إلى أقصى درجات الأداء والعطاء والأمور التطوعية، ولكن فجأة ما كل ما يتمناه المرء يدركه، تجري الرياح بما لا يشتهي فركاز! قررت المؤسسة الاستغناء عن بعض عمالتها لترشيد الإنفاق ووقع اسم فركاز ضمن العمالة الفائضة! فصاح المسؤولون والموظفون والمراجعون (الترشيد توفير وفركاز حافظوا عليه) (الترشيد حياة وتفنيش فركاز ممات) حتى المراجعين الوافدين تعاطفوا وجدانياً مع حلال العقد ومدبر الأمور وميسر العسير فركاز وقالوا للمسؤول المباشر بصوت واحد مدير حرام فركاز لا تفنيش لا فركاز زين واجد زين! ولكن قدر الله وما شاء فعل وطالت الاستغناءات فركاز ولسان حاله يقول:
سيذكرني ربعي نفر إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد فركاز
إن فركاز عامل ممتاز يفك العقد والألغاز يعمل ويحب الإنجاز ـ وكم فركاز في مؤسساتنا ـ!! ولكن النصيب لم يمهله وسوء التقييم لم يرحمه! لقد أضاعت المؤسسة فركاز وأي فتى أضاعت.. وخلت الناس تستنكر فصاحت.. فركاز منا وللمراجعين حبيباً.. حزناً عليه طيور.
البيت ناحت!! نسأل الله أن يخلفه وظيفة خير من وظيفته ينعم بها ويغنم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
10/10/2016
1237