+ A
A -

صراحة لم أستغرب من الهجمة الشرسة التي تعرضت لها قطر خلال الأشهر الأخيرة والتي احتدت وتيرتها مع اقتراب موعد المونديال. لم أستغرب ذلك من الصحافة الأوروبية وخاصة الفرنسية بسبب عقدة الغرب بشكل عام من قدرة العرب على الخروج من طور المتفرّج المفعول به إلى طور صانع الحدث والمتحكم به.

كانت البعثات الدبلوماسية والاقتصادية التي تزور قطر طوال السنوات الأخيرة تنقل حجم القفزة المعمارية والحضارية التي حققتها «الإمارة الخليجية الصغيرة» كما يصفونها في الصحافة الفرنسية. وكانت كل المؤشرات تؤكد على أن هذا البلد الصغير جغرافيا تحوّل إلى بلد عملاق من خلال قدرته على اللعب مع الكبار وإرباك حساباتهم ومنافستهم بجدارة في مجالات كانت تعد إلى وقت قريب حكرا عليهم.

استنفدت الأذرع الإعلامية الغربية كل الذخيرة التي تملكها حول حقوق الإنسان والمثليين والعمال والمناخ واستغلت كل ما يمكن استغلاله من أجل إرباك الاستعدادات الكبيرة التي حققتها الدوحة لتجعل من المناسبة الرياضية واحدة من أنجح وأفخم المناسبات التي عرفتها كأس العالم عبر التاريخ.

من جهة أخرى لم تدخر بعض الدول العربية الجهد في تشويه صورة الدوحة في داخل المنطقة وخارجها من أجل محاربة كل تجرية ناجحة وتشويهها.

لكن الثابت اليوم لكل مطلع على مواقع التواصل العربية خاصة أن الشارع قد أدرك تحالف كثيرين ضد قطر وهو في أصل مصدره تحالف ضد كل تجربة عربية ناجحة سواء كانت إعلامية أو رياضية أو غيرها. وهو الأمر الذي يفسر حملة التعاطف الكبيرة مع قطر الدولة العربية المسلمة التي تنظم لأول مرة في تاريخ اللعبة وفي تاريخ المنطقة تظاهرة ضخمة بهذا الحجم.

لم يبق على انطلاق الحدث الرياضي العالمي إلا بضعة أيام ويعلم أعداء النجاح أن النسخة ستكون ناجحة لأن البلد المنظم قد حشد لها كل أسباب التميز، بل إن هذه البطولة سترسم للعبة العالمية سقفا سيكون من الصعب على الدول المضيفة مستقبلا أن تبلغه.

من جهة ثانية برز جليا للجميع أن الشعارات الكاذبة التي رفعتها الأذرع الإعلامية الغربية ليست في الحقيقة إلا محاولات يائسة من أجل التأثير على سير اللعبة وتشويه التجربة الجديدة.

ككل تجارب الخروج من سطوة التخلف لم تكن تجربة دولة قطر استثناء، بل هي نموذج يؤكد القاعدة التي تقول إن كل تجربة ناجحة لا تكون كذلك إلا إذا تجاوزت الصعاب والعراقيل التي تعترضها وأخطرها فيالق أعداء النجاح.

محمد هنيد أستاذ محاضر بجامعة السوربون

copy short url   نسخ
03/11/2022
140