+ A
A -
نعلم أن المياه تشكّل أكثر من 70 % من سطح كوكبنا الذي أُطلق عليه اسم «الكوكب الأزرق»، لتفرّده بين كواكب المجموعة الشمسية بهذا اللون الذي اكتسبه من وجود المياه السائلة على سطحه، لكن مصدر هذه المياه التي تميز كوكبنا لا يزال محل نقاش بين العلماء الذين وضعوا نظريات متعددة لتفسير الأمر، تاليا أبرزها:
يعتقد بعض الباحثين أن كوكب الأرض كان خزاناً محملاً بالمياه منذ بداية نشأته قبل 4.5 مليار سنة، ووفقاً لتلك النظرية فقد نشأ الماء منذ البداية من غيوم دوارة مكونة من غبار وغاز.
ومع ذلك لا يتفق جميع العلماء على تلك النظرية، إذ يعتقد آخرون أن الأرض كانت جافة في بداية الأمر، وخالية تماماً من المياه.
ووفقاً لهذه النظرية لم تظهر المحيطات إلا في وقت متأخر حين انهال الجليد والماء على عالمنا من مصادر خارج كوكب الأرض. وهذه المصادر مسؤولة عن الجزء الأكبر من الـ332,500,000 ميل مكعب من المياه التي تغطي كوكبنا الآن.
وقد قدمت مجموعة من العلماء البريطانيين ما يدعم فكرة أن مصدر مياه بحارنا كان من خارج هذا العالم، فقد درسوا حبيبات غبار فضائي -عُثر عليها على كويكب يسمى 25143 إيتوكاوا، وأحضرها إلى الأرض مسبار آلي ياباني- وخلصوا إلى أن نتائج تدعم فكرة تكوُّن المحيطات على الأرض من الفضاء الخارجي.
وقال لوك دالي من جامعة غلاسكو: «الغبار الذي درسناه يقدم دليلاً قوياً على أن محيطاتنا نشأت من مياه أتت من أجزاء أخرى من النظام الشمسي، ويشير إلى أن ما لا يقل عن نصف المياه الموجودة على الأرض جاءت من الغبار الفضائي».
واستخدم دالي وزملاؤه التصوير المقطعي بالمسبار الذري لدراسة حبيبات الغبار التي جاءت من كويكب 25143 إيتوكاوا، حيث تمكن هذه التقنية الرائعة العلماء من عدّ الذرات واحدة بواحدة في كل عينة. وبهذه الطريقة اكتشفوا أن الحبيبات التي جاءت من الكويكب تحوي كميات كبيرة من المياه، حسبما ذكر علماء.
وأضاف دالي أن هذه المياه نتجت على الأرجح من الرياح الشمسية، وهي عبارة عن تيار من الجسيمات يتدفق من الشمس. وهذه الجسيمات ربما تفاعلت مع ذرات الأوكسجين في سحب الغبار التي تطفو عبر النظام الشمسي، وكونت جزيئات الماء التي تراكمت في السحب على مر تاريخ النظام الشمسي.
وبعد ذلك، أثناء دوران الأرض حول الشمس، مرّت بهذه السحب وامتصت حبيبات الغبار ومياهها، وبهذه الطريقة تكون المياه قد جاءت إلى كوكبنا من السماء، وفقاً لباحثين.
والأجسام الأخرى التي تدور حول الشمس ربما التقطت أيضاً هذه الحبيبات الحاملة للماء. وعلى الأرض تحللت هذه الجسيمات الصغيرة من السيليكات وانتشرت منذ فترة طويلة، ولكنها ظلت ثابتة على سطح كويكب خالٍ من الهواء مثل 25143 إيتوكاوا، لمليارات السنين على الأرجح، إلى أن التقط المسبار الياباني هايابوسا عينة وأحضرها إلى الأرض للكشف عن محتواها.
لكن ما دور المذنبات الجليدية؟ تؤكد مجموعة الباحثين، التي ضمت أيضاً البروفيسور مارتن لي من جامعة غلاسكو، أنهم لا يعتقدون أن كل المياه في بحارنا جاءت من حبيبات الغبار الشمسي.
فمن مصادرها الأخرى المهمة الجليد الذي تحمله المذنبات والكويكبات التي تحطمت على الأرض، وقال لي: «الغبار الشمسي والمذنبات الجليدية مجتمعة زودتنا بالمحيطات التي تطورت فيها الحياة»..وهذه النقطة الأخيرة تدعمها حقيقة أن الجليد القادم من المذنبات والكويكبات يحوي كميات عالية نسبياً من نظير الهيدروجين «الديوتيريوم» مقارنة بالمياه على الأرض، فيما يحوي الغبار الشمسي مستويات منخفضة نسبياً من الديوتيريوم، وكوّن المصدران معاً نسبة نظائر تتوافق مع نسبة نظائر المياه على الأرض.
وهذا الاكتشاف مهم، لا لأنه يقدم أدلة دامغة على مصدر المياه على الأرض فحسب، وإنما لأنه يشير أيضاً إلى أن عوالم أخرى في النظام الشمسي قد تحوي مياه، ربما في شكل جليد، على سطحها، وهو ما يشجع على استكشاف الفضاء في المستقبل، والبحث عن الحياة في مكان آخر في المجرة.
وإحدى النظريات الأخرى التي تفسر وجود الماء السائل على سطح الأرض تقترح أن الماء إنتاج محلي في كوكبنا.
وكما هو معلوم، فإن الماء يتكون من ذرات الأوكسجين والهيدروجين، وبما أن الأوكسجين متوافر بكثرة في القشرة الأرضية يعتبر العلماء وجود الهيدروجين مؤشراً على إمكانية تشكل الماء محلياً في الكوكب، فالعثور على الهيدروجين في اللبنات الأساسية للأرض يعادل العثور على الماء.
copy short url   نسخ
29/12/2021
52