+ A
A -

طوبى لمن كانت الصحة النفسية أغلى لديه من الترند والمشاهدات

طوبى لضحايا الصحة النفسية الذين تجرعوا الظلم من صحون ذوي القربى، فكل مذاقات هموم البشر من بعدها تسالي ومزّات.

بمناسبة يوم الاحتفاء بالصحة النفسية في العاشر من اكتوبر الماضي.

ومن واقع دراستي للصحة العقلية وعلم النفس، أعلن عن رأيي في أفضلية قيام المريض باللجوء للطبيب النفسي في سرية تامة.

معلوم أن موضة المجاهرة باللجوء للطبيب النفسي قد انتشرت في العقدين الماضيين بدعوى التحضر والاقتداء بالدول المتقدمة وبدعوى أنه من الطبيعي أن نفس الإنسان تمرض كسائر أعضائه ولتشجيع المريض على عدم الشعور بالعار من لجوئه للطب النفسي طلبا للمساعدة.

وبينما نؤكد على ضرورة طلب المريض لمساعدة الطب النفسي دون أي حرج، الا أننا في الوقت ذاته نحذر من خطورة إعلانه للجوء للطب النفسي بين أقاربه، أو في محيطه أو على الملأ في وسائل التواصل الاجتماعي لأن ذلك ربما يعرضه للآتي:

-احتمال فقدان أحقية حضانة الأبناء للطرف الذي يخضع للعلاج النفسي في حالة النزاع الأسري المفضي للطلاق وما يستتبع ذلك من فقدان الزوجة لحقوقها المادية من نفقة ومؤخر أو فقدان الزوج لحق الرؤية بدعوى عدم اتزانه ما قد يتسبب في أضرار لصغاره.

- التشكيك في القدرات الذهنية أو النفسية للمريض سيما لو كان مسنًا قد ينهض ذريعة لفقدانه أهليته المادية في حالة رغبة بعض الشجعين من أسرته للحجر المادي عليه.

- الوصم المجتمعي للمريض النفسي سيما لو كان شخصية مشهورة على مواقع التواصل الإجتماعي حيث الكلام والسباب والتسفيه أو التقليل والإزدراء مجاني ويتم بدون ادنى شعور بالذنب.

-حين اراد اقارب الأديبة «مي زيادة» التخلص منها، قاموا بايداعها مستشفى «العصفورية» للأمراض النفسية والعصبية في لبنان للإستيلاء على ميراثها.. وقد بقيت في «العصفورية» الى أن قام الأديب اللبناني الريحاني برفع دعوى ضد المستشفى بعد أن عرض الكاتبة على أطباء من مستشفيات خاصة اثبتوا سلامة الصحة النفسية والعقلية لرائدة الفكر العربي مي زيادة.

- أراد رجل الزواج للمرة الثانية، فقامت زوجته الأولى بطلب الطلاق فرفض لرغبته في أن تبقى على ذمته لرعاية ابنائه.. وحين رفضت الزوجة الاولى هذا الوضع.. رفض الزوج الطلاق، فثارت زوجته بشدة وهددت بالانتحار، فما كان منه الا ان أودعها مستشفى للأمراض النفسية لوصمها.. ثم أخرجها بعد أن جعلها تمثل العار لأبنائها.

وتكرر السيناريو مع أخت تلك الزوجة فقد اراد زوجها الاقتران باخرى فرفضت فاودعها مستشفى للأمراض النفسية تكرارًا لتيمة سيناريو حقق نجاحا ساحقًأ سيما بعد وفاة الأب السند وخذلان الإخوة الذكور الذين وجدوها فرصة للسيطرة على ميراث الأختين.

وعليه، فأرى ضرورة التحذير من الإنسياق خلف «الترند» ومن يدعون التحضر والحداثة والمعاصرة و يجاهرون باللجوء للعلاج النفسي دون وجود سبب جوهري للمجاهرة.

..

وأخيراً، أدعو القائمين على الإعلام من المذيعين والمعدين عدم احراج ضيوفهم بطرح الأسئلة الجارحة والمحرجة التي تخوض في تلك التفاصيل الخاصة بخضوع الضيف للعلاج النفسي كما الفت انتباه الضيوف لعدم الانصياع للرد على تلك الاسئلة بدعوى اثبات قوة شخصياتهم بدليل عدم الخشية من الاعتراف باللجوء للطب النفسي.

تلك البرامج لا هم لها سوى تحقيق أرباح من المشاهدات ولو على حساب تشويه سمعة الفرد كما قد تسلب منه حقوقه المدنية والمادية وتورده المهالك

فطوبى لمن يعطي الصحة النفسية قيمة أغلى من الترند والمشاهدات.

وطوبى لضحايا الصحة النفسية الذين تجرعوا الظلم من صحون ذوي القربي، فكل مذاقات هموم البشر من بعدها تسالي ومزّات.

copy short url   نسخ
29/10/2022
10