+ A
A -
تخيل أن تضع كرة تنس على ترامبولين، ستبقى الكرة في مكانها كما هي، لكن إذا وضعنا طفلا على الترامبولين، فسوف ينثني الترامبولين وينشأ «تجويف» مكان قدميه.
وماذا سيحدث؟ سوف تتحرك كرة التنس باتجاه هذا التجويف الناجم عن الطفل. وكلما كان الطفل أقرب لكرة التنس، كلما تحركت الكرة أكثر باتجاه التجويف، لأنها تنجذب أكثر.
كلما زادت كتلة الجسم المتحرك زادت جاذبيته. هذه هي فكرة الجاذبية، وهكذا يمكن تصوّر موجات الجاذبية في الفضاء.
تنشأ موجات الجاذبية حين تتسارع الكتل ويُقذف بها بسرعة، مثلا في حال انفجار نجم أو الانفجار العظيم أو حين يندمج ثقبان أسودان مع بعضهما البعض. موجات الجاذبية تتمدد في المكان وتضغطه، وهي تؤثر على بنية الزمكان (الزمان – المكان).
موجات الجاذبية تتمدد دون عوائق تماما في الكون، بغض النظر عما يعترض طريقها. وهذا ما يميزها عن الضوء أو الصوت. موجات الجاذبية هي «تشويه» للهندسة الرياضية وحتى للمكان نفسه. ومنذ
لماذا هذا الحدث عظيم؟
وصف آينشتاين كيف تعمل موجات الجاذبية على سحب ودفع الزمكان، وكيف تتحرك الأجسام مثل الشموس النويترونية والثقوب السوداء في موجات الجاذبية. وحتى عهد قريب لم تتوفر تكنولوجيا يمكن للعلماء استخدامها لقياس هذه الظاهرة. والدليل على أهمية هذا الاكتشاف، أن العلماء باتت فرصهم كبيرة من الآن لنيل جائزة نوبل في الفيزياء.
لماذا لم يحدث الاكتشاف في السابق؟
لقد حاول علماء كثيرون إثبات وجود موجات الجاذبية في السابق، لكنهم لم يفلحوا أبدا. والسبب أن موجات الجاذبية من الصعب جداً العثور عليها وقياسها. ولقياس هذه الموجات لا بد من توفر مجسات فائقة الحساسية، لأن هذه الموجات وحين تصل الأرض، تصبح صغيرة جدا وأصغر ألف مرة من حجم نواة ذرة.
كيف يجري العلماء أبحاثهم على الموجات؟
في عام 1992 بنى الأميركيون مجسي ليزر عملاقين يعملان بالليزر ويبعدان عن بعضهما البعض مسافة 3000 كيلومتر. وقد فشلت التجارب الأولى، لكن المجسات الحديثة هي أكثر حساسية بأربعة أضعاف من المجسات القديمة. ويعرف جهازا الليزر اللذان يعملان بالتزامن باسم «مرصد ليزر موجات الجاذبية التداخلي».
يوجد مجس في ولاية لويزيانا والآخر في ولاية واشنطن. ويوجد في كل منهما نفق طوله أربعة كيلومترات على شكل حرف L اللاتيني. ويطلق العلماء أشعة بالليزر بين المجسين واستطاع الجهازان رصد اهتزازات متناهية الصغر من مرور موجات الجاذبية. وقد أتاح وجود مجسا الرصد في مكانين مختلفين، ملاحظات للعلماء بشأن توقيت واتجاه موجات الجاذبية.
هل المرصد الأميركي هو الوحيد الذي يبحث عن أدلة؟
هذا غير صحيح. فهناك أكثر من 70 منظمة علمية في العالم تحاول البرهنة على وجود موجات الجاذبية. ويعمل علماء ألمان في المرصدين الأميركيين قاموا بتطوير كاشفٍ عن الموجات يمتاز بحساسيته العالية. ومؤخرا أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية قمرا اصطناعيا، وربما يمكنه المساعدة في قياس التغيرات الدقيقة جدا في الفضاء.
ماذا سنستفيد من إثبات وجود موجات الجاذبية؟
إذا ما تأكد العلماء من وجود موجات الجاذبية حقا، فإن هذا قد يغير تماماً فهمنا للكون. وسيصبح العلماء حينها قادرين على فحص أكبر حدث في التاريخ ودراسة الانفجار الكبير. ويمكننا البحث في أقاصي الفضاء الخارجي. وموجات الجاذبية التي تكوّنت بعد الانفجار الكبير يمكنها أن تمدّنا بمعلومات جديدة عن كيفية تشكّل الكون.
copy short url   نسخ
29/06/2021
357