+ A
A -


كان مكتبه في الدور الأول من الوزارة، وكان مكتب الوزير في الدور الرابع عشر، كنت أراه حاملا ملفاته صاعدا إلى الوزير راكضا صعودا، وراكضا عائدا نزولا عبر الدرج.. لا يستخدم المصعد.. ويقول هنا رياضتي المفضلة.. أمارسها في اليوم ما بين ثلاث إلى اربع مرات..
يكاد الدم يتدفق من وجهه.. تزوج مرتين وكان على وشك الزواج بثالثة لكن.. انتهت خدمته وأحيل إلى التقاعد..
رأيته جالسا على مقعد في سوق مكيف.. وعلى جوار عصاه.. وحين وقف أخذ عصاته. سألته فقال: نعم إنني لا أستطيع المشي دونها فأتوكأ عليها وتحميني من عثرات الطرقات.. والأدراج.. سألته: أما زلت تنزل الادراج وتصعدها.. قال: منذ تقاعدت لم أصعد الا درجات بيتي ولولا العصاة لما استطعت.. سألته: ما الذي حصل؟
اجاب: بعد التقاعد جلست في البيت أمام التلفاز.. اكتأبت.. اكل وانام وهكذا حتى فقدت لياقتي..
وأضاف: نصيحتي ألا تفقد لياقتك سواء في الرياضة أو في الكتابة.. أو القراءة.. وهل للكتابة لياقة.. سألت؟
قال: جرب أن تتوقف عن الكتابة أو حتى عن شرب الماء ستفقد لياقتك وستندم..

صديقة قديمة كانت تركض كالرهوان على شاطئ المدينة المفتوح.. وكنا لا نستطيع مجاراتها فتقول لنا: عواجيز عايزين تدريب ولياقة..
التقيتها على باب متحف في عاصمة عربية.. لم أعرفها.. لكنها تعرفت علي وقالت أأنت الكاتب في الوطن؟!.. قلت تشبهين فتاة رهوان كان تسابق الريح على الشاطئ نظرت إلى وابتسمت.. وقالت: منذ تقاعدت.. ترهلت.. فقال لي زوجي هازئا: اذهبي إلى المتحف.. فمكانك هناك.. فهل حقا مكاني هنا..؟

خيرا فعلت وزارة التربية والتعليم بإعادة المحالين إلى المركزي للعمل بالتدريس.. فقد أعادت لهم اللياقة ليواصلوا خدمة الوطن قطر.. وهناك كثيرون يجلسون على دكة الاحتياط بالمركزي الملغي.. ولهم رغبة للعودة للعمل.. وكم من مجال في الدولة يفتح الباب للكفاءات القادرة على العطاء وتبحث عن لياقة فكرية وبدنية مستمرة.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
19/09/2016
542