+ A
A -
كانت والدتي رحمها الله.. لا تنام قبل أن أطفئ نور غرفتي، وقد كانت تأتي بين الفينة والاخرى تسأل عن حاجتي أو تأتيني بفنجال شاي أو كوب حليب وتسألني هل صليت القيام؟.. وحين تطمئن انني انهيت دراستي تغادر بهدوء وتنام.. وحين يعلن المؤذن عن موعد صلاة الفجر اجدها تقف فوق رأسي.. الصلاة.. الصلاة.. وكم كنت اتثاقل ولا استجيب.. وحين غادرت بيت والدي إلى الدراسة في عمان قلت لها سوف ترتاحي مني.. فقالت سآتيك في كل موعد وكل ساعة تحتاجني.. وبالفعل فما ان كانت عيني تسهو وانا أراجع دروسي ليلا.. حتى أرى صورتها فأصحو وعند الفجر وقبل أن يرفع الاذان اسمع صوتها.. صلاة الفجر يمه.. فأنهض..
وفي الصباح وعند موعد الاستيقاظ للمدرسة كان صوتها ايضا يأتي.. كبرنا وهجرنا المنزل وغادرنا وتركناها ولم نفكر كيف ستحتمل غربتنا ومن سيمسح دموعها.. اذا تذكرتنا ولم تجدنا.. انتهى بها المطاف مع والدي بعد أن كان البيت يعج بخمس بنات وأربعة شباب غادروا جميعا.. مات والدي أولا ولم يطل بها المقام فلحقت به بعد اقل من ستة اشهر.. رحمهما الله..
تذكرتهما الجمعة الماضية في مطار حمد الدولي يتحدث عن العودة إلى المدرسة.. وواجب الوالدين.. مبينا ستة أمور على الوالد أن يعلمها لأولاده أولها الاخلاق الحميدة وكيفية التعامل مع الآخر والصلاة والصيام وألا نترك تربية الأبناء للخدم فقط.. وليكن الخادم للأعمال الأخرى غير التربية.. فالأم هي المسؤولة والاب هو المسؤول.. فالمدرسة لها دور والبيت له دور.. فوالدي أول من علمني حفظ الشعر وأول من علمني قراءة الفاتحة وكان يحرص على أن يصطحبني منذ طفولتي إلى المسجد.. ووالدتي علمتني الحب وعلمتني بفطرتها الحياة.. فالحياة حسن خلق وحسن معاملة.. وهذه وإن كان التلميذ يقضي في المدرسة ست ساعات فإنه يقضي في البيت الوقت الأطول.. وكثير من أولياء الامور لا يعطون بالاً لما يحتاجه الابن منهم.. فالابن الصالح لا تصنعه المدرسة بل البيت والأسرة والمجلس.. ليكن ذلك في الحسبان اليوم وغدا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
18/09/2016
591