+ A
A -

كثيرة هي المواقف التي نعاصرها في حياتنا ونتأثر بها بشكل أو بآخر، بحكم أن الحياة مليئة بالأحداث، ويحكمها قانون التغيير المستمر. فلا شيء يبقى على حاله، الأمر الذي يضعنا أمام العديد من المستجدات والتحديات.

خلال مسيرتنا، يفضل البعض أن يلعبوا دور البطولة في مسرحية الحياة، فيأخذون على عاتقهم مهمة صناعة التغيير. بينما يكتفي آخرون بلعب دور الضحية المتفرجة على ما كل يجري حولها دون إبداء أي ردة فعل إزاء القضايا المختلفة.

هناك فرق شاسع بين أن تكون صاحب اليد العليا فيما تتعرض له من عقبات على طول الطريق، فترسم واقع حياتك بكلتا يديك؛ وبين أن تكون ريشة في مهب الرياح، تنتظر دون طائل نسيماً عليلاً يأخذك إلى ذاك الشاطئ الآمن حيث السلام والسعادة. إذ لا تهب النسائم العليلة إلا على أصحاب القرارات. أما الشخص الذي يكتفي بالمشاهدة ويخشى مجابهة خطوب الأيام فلا يظفر سوى بالرياح العاتية.

من أكثر الأشياء إحباطاً، ومن أكثر الأمور التي تسلبك الطاقة، هو أن تكون متفرجاً على حدث معين يستوجب منك ردة فعل إنسانية أو عملية دون أي تدخل من طرفك. إن الطاقة السلبية والمشاعر السوداوية المتأتية من تجربة ما جراء عدم قدرتك على الانخراط فيها والتدخل في مجرياتها يمكن أن تدمر حياتك حرفياً.

في بعض المواقف، لا بد أن نعبر عن وجهة نظرنا، لا بد أن نتخذ موقفاً ونتدخل، وإلا أصبحنا أسرى عواطف سيئة تحكم سيطرتها علينا فتحيل حياتنا إلى جحيم. تصور أنك تسير في الشارع، ووجدت شخصاً يضرب قطة لا حول لها ولا قوة بوحشية يمكن أن تؤدي إلى مقتلها، فتكتفي بالمشاهدة دون إبداء أي ردة فعل، بينما تغلي مشاعرك في الداخل حزناً على هذا الكائن المسكين، لكن مع ذلك لا تبدي أي استجابة، ولا تحاول تصحيح الموقف ولو بكلمة.

إن سكوتك عن قول الحق أو فعل ما يلزم لهو من أكثر الأشياء المحبطة التي يمكن أن تترك فيك أثراً سلبياً وإن لم يظهر بشكل فوري، إلا أنه لا محالة سيتراكم مع الأيام ليسبب لك مشكلات نفسية لا حصر لها.

نفس الشيء ينطبق على حياتك بشكل عام. إذا بقيت تتفرج على الواقع المرير الذي تعيشه بمنأى عما تحلم به دون أن تفعل شيئاً إزاءه، فإن ذلك سيترك في داخلك مع الوقت ندباً قد لا تندمل.

عليك أن تدرك أمراً مهماً، أنه لن يأتي أحد لإنقاذك، ولن تنال الراحة ورضا البال إن أنت اكتفيت بالتفرج السلبي دون فعل شيء إيجابي تجاه الأشياء التي لا تعجبك في العالم من حولك.

فإذا رأيت فعلاً لاإنسانياً وكان بإمكانك التدخل ولو بكلمة فلا تسكت وانطق بها. وإذا لم يعجبك شيء في حياتك الشخصية أو المهنية فلا تقف مكتوف الأيدي، بل ابدأ في تغييره على الفور، من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة في سبيل إحداث تغيير جذري ينقلك من واقع لا تطيقه إلى واقع يحاكي أحلامك.

لا تكن ضحية لمواقف الحياة وأحداثها، ولا تكن متفرجاً على ما يجري حولك؛ بل كن صاحب قرارات وأفعال إيجابية، صاحب وزن وقيمة. كن فماً ينطق بالحق ولا يسكت عن الأفعال اللاإنسانية أينما وجدت. كن يداً تعمل في سبيل الخير وتتصدى للشر أينما حل.

لا شيء أنقى وأنبل من مواقف جريئة إنسانية، وقرارات حاسمة يراد بها الخروج من موقف سلبي وتحقيق أثر إيجابي. إن الإنسان الذي يعود نفسه على أن يكون بطلاً بدلاً من أن يكون متفرجاً، تُكتب له حياة وفيرة من كافة النواحي. فكن إنساناً له وجود وقيمة، ولا تكن ريشة في مهب الرياح.

copy short url   نسخ
17/10/2022
165