+ A
A -
سألتني ابنتي الكبرى.. المتخصصة في الطب: هل الرجل بعد الستين يشعر باليأس؟
ابتسمت.. وأجبت على السؤال بسؤال؟
هل السؤال مهم حتى أجيبك عنه!
قالت: مهم، فإجابتك سوف تعطيني معلومة قيمة حول المرضى النفسيين الذين يدخلون إلى المستشفى بسبب الاكتئاب، وقد يكونون اصغر منك عمرا.. وسوف أبني على إجابتك نظرية تخصني.
قلت بصراحة.. لا..
أنا اشعر بالسعادة.. والفرح والحبور والغبطة والسرور....
فسألت: وهل الكتابة هي سر السعادة..أم أشياء اخرى؟
قلت: نعم الكتابة.. وأشياء أخرى.. ففي الكتابة بوح بما في داخلك تخرج فيه حزنك وغضبك.

سألني ابني الأصغر المتخصص في الهندسة.. هل الرجل بعد الخمسين يتأجج عطاؤه..؟
وفتح بسؤاله أبوابا لم أستطع إغلاقها..
باب من يحالون إلى التقاعد في هذا السن
باب النساء حين تبلغ سن الخامسة والأربعين يقولون وصلت سن اليأس
باب يرسلون لدار المسنين لعدم وجود معين مع أنهم بعد دون السبعين
باب الفقراء الذين وصلوا سن الستين ولا يعرفون من العالم سوى الحارة التي يسكنون..
قلت لولدي.. سن الخمسين سن الخبرة والعطاء والقوة والمثل الانجليزي يقول «إذا كنت أنيقا في العشرين ستكون أنيقا في الخمسين»..

تلقيت أمس ردودا حول مقالتي «وتريات نبضية» توقفت أمام مجموعة منها لا مجال لنشرها وإنما سأنشر ردين واحدا لطبيب صاحب خبرة ومجرب وهو اديب أريب الدكتور سيد برايا المتخصص في الكوليسترول يقول في تعقيبه بعنوان «ما أكثر حبيباتك سيدي».
كيف يحتمل قلبك ونبضك كل هذا الشجن، الذي يبزغ من ورائه وميض الأمس حتى لو تسلقت بوابات القلب أغصان شاحبة....
حب وكلمات الحب لم تعد تورق ولا ينفجر بين الأصابع حريق شوق....
لكنها الروح التي تهفو... من قرطبة إلى القاهرة وبيروت والقدس جوهر الصراع الكوني اليوم وخيل صلاح الدين يردد الأفق رجع صهيلها...
بغداد والشام والطيور صارت تقتات البارود... والأنهار لم تعد تروي ظمأ العطشى مثلما نجومهما لم تعد دليلا للتائهين....
يقول البحتري...
وأحب أقطار البلاد إلى الفتى أرض ينال بها كريم المطلب
أما العمائم المسيسة أو المفخخة فصارت تسد الأفق...
دام قلبك ونبضاته ووترياته التي يسكنها حزن العاشقين
وأقول له.. شكرا دكتور فالألم يمتد من بغداد إلى القاهرة والحزن يمطر فوق كل العواصم..

والثاني من الصحفي ابن السودان كرم الفرجابي ابن الخامسة والعشرين الذي يحمل بذورا أدبية تؤهله لأن يكون كاتب رواية مستقبلا حيث يقول:
أكثر ما يدهشني في كتابة الرجل الستيني أنه يحب الصيغ الضبابية، الملتبسة، والجمل الواعدة، الحالمة - ولو كذباً - تلك التي لا تنتهي بنقطة، وإنما بعدة نقاط...!
لذلك لم يكن مستغرباً على الأقل- بالنسبة لي- أن تقع في غرام كتاباته- فتاة عشرينية - فالأسلوب الذي يعتمده في كسب (القراء) هو (الإغراء)، ولعلني قد وقعت أنا أيضاً في فخ إغراءاته..!!
فمنذ أن وطأت قدماي أرض الدوحة، وأنا أطالع زاويته (نبضة) باستمرار واستمتاع، حتى كدت أظن أنني لم أقرأ- من قبل- لأحد سواه، فالكلمات عنده تقف على مفترق طرق، عارية.. خائفة.. طائعة لا تستطيع التسكع في براحات الورق الأبيض، إلا بأمر منه.
إنه الممتع حد الدهشة الأستاذ سمير البرغوثي
مع خالص حبي وتقديري.
ولك خالص الحب والتقدير.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
14/09/2016
533